أسرة العنحوري تواكب النهضة العربية منذ نشأتها في مصر وسورية

 

سمير عنحوري

 

إهداء:
إلى نائلة وجاد
إلى مروان وعائلته

 

مقدِّمــــة:

كان هناك أسباب عديدة لظهور النهضة العربية في مصر وبلاد الشام، ربَّما كان من أهمها احتكاك العالم العربي بالغرب في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر إثر الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت (1798 – 1802) للسيطرة على مصر وبلاد الشام، مصطحبًا معه عشرات العلماء الفرنسيين مكلفين بالبحث والتنقيب عن الآثار البائدة، ووضع أسس متينة لبناء عصر حديث ومجتمع جديد وقويٍّ يستند على العلم الحديث ومخترعاته في كافة المجالات العلمية والإدارية والاقتصادية والسياسية وغيرها...

عَيَّنت السلطة العثمانية عام 1805 محمد علي مؤسس السلالة الخديوية واليًا على مصر التي حكمها حتى عام 1849، وكان هدفه النهوض بمصر، التي أصبحت في عهد المماليك المتأخرين مركزًا للفوضى والتنازع بين أمرائها الذي كان هدفهم جمع الأموال بأية وسيلة ممكنة، بإدخال الأساليب الإدارية والعلمية الغربيَّة إليها لتثبيت حكمه وتعزيز إمكانياته الاقتصادية والعلمية والعسكرية فيها. فأرسل عشرات البعثات العلمية إلى البلاد الأوربية: انكلترا، إيطاليا وإلى فرنسا بشكل خاص، للاطلاع وتحصيل العلم في كافة المجالات ومنها علم الترجمة وخاصة التي تعني بالكتب العلمية والطبية منها، وعهد إلى عدد من الخبراء الأجانب مهمَّة تحديث البلاد، وكان أشهرهم فرنسييَّن هما الطبيب CLOT (كلوت بك) رائد النهضة الطبية في مصر وقد أمره محمد علي بتأسيس مدرسة طبية ومشافي في القاهرة تولى هو إدارتها وتعليم الجراحة فيها، والضابط SEVES مؤسس النظام العسكري الحديث في مصر الذي اعتنق الإسلام وعرف بعدئذ بسليمان باشا، وبذلك اقتبست شبيبة مصر المثقفة أساليب المدنيَّة الحديثة، الخطوة الأولى في نهضتها السياسية والعلمية.

أسرة العنحوري الدمشقية ريادة في الصحافة والأدب:

هذا عنوان مقال كتبه الأديب والباحث في اللغة والأدب والتراث الدكتور سهيل الملاذي في "العاديات" السنة 5، العددان 3-4، وهو عضو مجلس إدارة جمعية العاديات بدمشق، نقلاً عمَّا نشره الكاتب والمؤرخ عيسى اسكندر المعلوف، عضو في المجمع العلمي العربي بدمشق، ملخِّصًا عن أسرة العنحوري عما ورد في مجلة المسرَّة "بيروت - السنة 11 الجزء 6 (حزيران 1925): 327 -336". ومقتبسًا من كتابيه المخطوطين: الأخبار المرويَّة في تاريخ الأسر الشرقية، ومغاوص الدُرر في أدباء القرن التاسع عشر. وقد حصل اسكندر المعلوف على معلوماته عن عائلة العنحوري نتيجة أبحاثه التاريخية ومن سليم العنحوري نفسه صديقه وزميله في المجمع العلمي العربي بدمشق وكان هذا الأخير بطبيعة الحال على صلة مع فرعي العائلة في سوريا ومصر بسبب ترحاله بين القطرين.

وقد جاء في "سيرة المرحومان بطرس وحنا العنحوري" ما ملخصه:

إنهما من آل العنحوري في مصر وكان قد اشتهر من هذه الأسرة في دمشق حنَّا بن جبرائيل وكان تاجرًا ثريًا مشهورًا، ومن أولاده جبرائيل الذي بقي في دمشق وسيِّدة التي تزوجها جرجي مشاقة والد العلاَّمة المرحوم الدكتور ميخائيل مشاقة نزيل دمشق، وثلاثة آخرون سكنوا دمياط واتجروا فيها وهم ميخائيل وروفائيل وبطرس، ومنهم آل العنحوري في مصر القاهرة وهم أسرة كبيرة فيها. وقد نبغ كثير في العلم والأدب منهم في مصر أقدمهم بطرس خال مشاقة، وحنَّا وهو ابن بطرس وأما أحد شقيقيه المذكورين نزيلي دمياط. (ولم أعرف مع الأسف إلا القلَّة من أحفادهم عندما هاجروا إلى بيروت في النصف الثاني من القرن المنصرم).

بطرس بن حنا العنحوري الدمشقي: ولد في دمشق وتربَّى في دمياط حيث كان أبوه يتجر كما مرَّ، واشتهر بالأدب دارسًا على بعض علماء عصره ومنهم الشيخ محمد الصباغ الميقاتي الشهير والرياضي البارع. ولما قدم نابليون بونابرت القطر المصري فاتحًا عام 1798، درس بطرس اللغة الفرنسية فحذقها حذقة العلوم الفلكية والطبيعية والرياضية. ولما جاء بطرس إلى سوريا سنة 1814 درس عليه ابن شقيقته ميخائيل مشاقة الآنف الذكر بعض العلوم الفلكية والرياضية ورافقه إلى مصر عند عودته بعد ثلاث سنوات، فبقي في بيته يلازم خاله ويستفيد من معارفه وخزانته الغنيَّة بمخطوطاتها ولا سيما الطب الذي كان له فيه إلمام كافٍ. وقد أحسن خاله المترجم العناية به فتخرَّج عليه ومال إلى اتقان العلوم العقلية والنقلية وعاد إلى سوريا سنة 1820 حيث اشتهر في الشام بمعارفه ومؤلفاته، وكانت وفاته سنة 1888 في دمشق الشام.

وكان بطرس العنحوري يشتغل بالأدب تأليفًا وجمعًا مع اشتغاله بالتجارة إلى أن توفي بالاسكندرية في سنة 1856، فأرخ وفاته المرحوم الخوري جرجي عيسى (السكاف) الزحلي بقصيدة أوَّلها:

يا أهل عنحوري مضى لكم البقا            غضَّ المحاسن بطرس السامي الذرى
أسفًا عليه وكم تأسف قبلـــــــــــنا
            لفراقه المسدي القلوب تحســـــــــــــــــــــرا
مُذ مُدَّ في لحدٍ وأرخَّ بابـــــــــــــــــه            كادت قلوب الناس أن تتفـــــــــــــــــــــــــطَّرا

ومن مؤلفات بطرس هذا بعض المترجمات بعناية باسيلي فخر الطرابلسي نزيل دمياط وقنصل فرنسا فيها، وكان باسيلي من أسرة علميَّة مشهورة. ومنها أيضًا كتاب الكسوفات والخسوفات ألَّفه في دير القمر سنة 1816 وفيه رسومات فلكية بخط واضح، وروض النفوس وقطف أثمار الغروس ألَّفه أيضًا سنة 1816 عند عودته إلى مصر، وكتاب في الجبر والحساب وفيه ينتسب هكذا فيقول: "بطرس العنحوري الدمشقي الدمياطي" و"عوائد الدمياطيين واصطلاحاتهم واختلاف موازينهم ومعاملاتهم وكيفية المحافظة على الصحة بحسب طبيعة تلك البلاد" شَرَح فيه بعض علاجات ووصايا ونصائح حكمية مفيدة.

حنا العنحوري: هو الملقب أيضًا "بحنين" تربَّى في القطر المصري وأتقن اللغة الإيطالية على عادة تلك الأيام ولم تكن معرفته الفرنسية تمكنه من الترجمة فلهذا اشتهر ببراعته بالترجمة في الأولى وحذق اللغة العربية فكان مترجمًا في مدرسة أبي زعبل الطبيَّة التي أنشأها محمد علي باشا بعناية الدكتور كلوت بك الفرنسي في القاهرة، وهي التي نُقِلت بعد ذلك إلى قصر العيني واشتهرت بهذا الاسم ويظهر أنه كان من أساتذة مدرسة الألسن. فكانت الكتب تترجم من الفرنسية إلى الايطالية وتدفع إلى حنا العنحوري هذا فينقلها إلى العربية بالمدرسة المذكورة وغيره من الأساتذة في مدرسة الترجمة التي أنشأها محمد علي لنقل الكتب، وتطبع في مطبعة بولاق التي أنشأها لهذه الغاية أيضًا تسهيلاً لنشر المؤلفات والترجمات.

لا يُعرف تاريخ ولادة حنَّا العنحوري أو وفاته، وقد عرَّفه معجم "المنجد في اللغة والاعلام" كما يلي: "عنحوري (حنين)، (توفى نحو 1845)، أديب سوري، اشتهر بمصر في عهد محمد علي. نقل إلى العربية طائفة من الكتب الطبية والعلمية، منها القول الصريح في علم التشريح. ولكن نعرف عهده من الكتب التي نقلها وطبعت في أيامه وهي: القول الصريح في علم التشريح تأليف طبيب افرنسي عرَّبه حنا العنحوري وصحح لغته العربية بمساعدة محمد الهراوي وأحمد الرشيدي وهو أول كتاب طبي ترجم وطبع في مصر سنة 1833 في 460 صفحة وذلك بمطبعة بولاق معرَّبًا عن الفرنسية بالطريقة التي سبق وصفها. ورسالة في الجراحة البشرية سنة 1835. ومنتهى الأغراض في علم شفاء الأمراض وهو في علم الباثولوجيا سنة 1835 في مجلدين الأول منهما في 444 صفحة والثاني في 263 صفحة، وهو رابع كتاب طبع من الكتب الجديدة المترجمة بالمدرسة المنشأة في أبي زعبل باسم "مدرسة الألسن". وإسعاف المرضى من علم منافع الأعضاء في الفسيولوجية وهو سادس كتاب طبع من كتب الطب المترجمة سنة 1837، وكتاب الطبيعة مع أشكال كثيرة في 15 صفحة بآخره عليها رسوم لإيضاح نصوصه طبع سنة 1839 في 330 صفحة وطبع منها ألف نسخة. والأزهار البديعة في علم الطبيعة، وعلم النبات طبع سنة 1842. هذه أهم الكتب التي اشتغل بتعريبها وتصحيحها حنّا العنحوري هذا ومعظمها اليوم نادر الوجود، وكان فيها فوائد كثيرة طبية وعلمية ونباتية أخذت من بعض كتب العرب المخطوطة التي وقف عليها المعرِّب والمصحِّحون والمحرِّرون وهي الخطوة الأولى في سبيل التعريب في النهضة الحديثة في أوائل القرن التاسع عشر. وقد استعانت الجامعة الأمريكية في بيروت بهذه الكتب لما كانت تدِّرس الطب بالعربية. لكن هذه الحركة العلمية من نقل العلوم العصرية من طبية وطبيعية وغيرها إلى اللغة العربية خمدت في عهد السلطة الانكليزية في مصر التي نقلت مناهج التعليم إلى الانكليزية.

وقد خلفه على رئاسة مدرسة الترجمة في المدرسة الطبية في أبي زعبل كما جاء في كتاب تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر تأليف جرجي زيدان، رفاعة الطهطاوي الذي أمر بتعيينه في هذا المنصب محمد علي حاكم مصر، بعد أن عاد من رحلة دراسية إلى باريس دامت عدة سنوات. ويقول أيضًا جرجي زيدان في هذا السياق: "وكان متواليًا رئاسة الترجمة بها قبله المرحوم يوحنا عنحوري من أبناء سوريا وله فيها خدمات جليلة، وشهد للطهطاوي بقصب السبق ولا سيما أن عارفي اللغات الأجنبية إذ ذاك كانوا يعدُّون على الأصابع".

"مرآة الأخلاق" بدمشق باكورة الصحافة الأدبية في سورية

جاء في بحث الدكتور سهيل الملاذي ما يلي: "عرفت دمشق في القرن التاسع عشر عهدين في الإصلاح أولهم زمن حملة ابراهيم باشا المصري (وهو ابن محمد علي) على سورية (1831 – 1840) إذ قام بنهضة علمية ملحوظة انعكست آثارها على المجتمع الدمشقي، وثانيهما زمن ولاية مدحت باشا القصيرة على سورية (1878 – 1880) الذي صاغ عام 1867 الدستور الأول للدولة العثمانية، وكانت من أهم أصلاحاته خدمته للمعارف ودعمه للصحافة".

في تلك الأجواء قامت القومية العربية على قاعدة واسعة هي أن جميع الشعوب التي تتكلم العربية أمة واحدة. فجاءت حركة إعادة نشر التراث العربي وحركة إعادة قراءة وكتابة التاريخ العربي. كانت هذه الحركة ألا وهي "النهضة" بدأت أول الأمر كحركة فكرية صرفة وكان دعاتها الأُوَل والأكثر المفكرون السوريون وبنوع خاص اللبنانيون العلمانيون المسيحيون الذين تعلموا في بيروت وعملوا في مصر. ثم أتت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر النهضة السياسية في أثر اليقظة الفكرية ثم حلَّت فكرة الاستقلال القومي السياسي في اتجاه معاكس "للرابطة العثمانية" التي كانت تهدف إليها تركيا قبل الحرب العالمية الأولى وخسارتها كل ممتلكاتها البلقانية في مطلع القرن العشرين.

وقد نبغ في ذلك القرن في سورية نخبة من رجالات الفكر وأرباب القلم وروَّاد الصحافة والمسرح، وكان من أهمِّهم عبد الرحمن الكواكبي في حلب (1849-1907) وأحمد القباني (1863-1902)، وسليم العنحوري (1856-1933)، وحنا العنحوري (1863-1890) ومحمد كَرد علي (1876-1953)، وأديب اسحق (1856-1885)، والأديب المؤرخ حبيب زيات (1871-1954)، والمؤرخ والكاتب القصصي نعمان قساطلي (1854-1920) وكل هؤلاء في دمشق. وقد عمل محمد كرد علي وسليم العنحوري وأديب اسحق وأحمد القباني أيضًا في مصر.

أما بالنسبة لأسرة العنحوري فقد كتب عنهم الدكتور الملاذي ما يلي:

"إن قراءة منصفةً لتاريخ الصحافة العربية تدفعنا إلى إبراز الدور الرائد الذي قام به الأديب والصحافي الدمشقي سليم العنحوري في خدمة الصحافة والادب. فقد كان صاحب ورئيس تحرير ومحرِّر الكثير من الصحف العربية في سورية ولبنان ومصر والمهجر ويكفي أنه صاحب أول مجلة سورية، وهي مجلَّة مرآة الأخلاق التي أصدرها في دمشق مطلع عام 1886، مع ابن عمه الأديب الدمشقي حنا العنحوري.

حنا العنحوري: ولد حنا بن روفائيل بن حنا العنحوري في دمشق سنة 1863 وبها نشأ وتلقَّن مبادئ العلم ثم دخل المدرسة البطريركية في بيروت وتخرَّج فيها على حضرة الاستاذ المحقق والعلاَّمة اللغوي الشيخ ابراهيم اليازجي. ولما استوفى علومه ودروسه الأفرنسية عاد إلى دمشق فأخذ يعلِّم بمدرستها البطريركية للروم الكاثوليك الفنون العربية فأفادوا كثيرًا من تلامذتها على اختلاف المذاهب والطوائف، وكانت له علياء الاعتبار في البلاغة والخطابة. ثم مال إلى الأشغال فيما سوى التعليم للوقوف على دقائق الأشغال والأحوال بين الناس، فبقي فيها سنين يتقلب بين الكتابة التجارية والأميرية. ثم أنشأ مرسح الاتحاد بشركة صديقه جرجي أفندي مرزا وعرَّب له أشهر الروايات الأدبية تعريبًا آنس منه النجاح لولا ما اعترضهُ من الشؤون أوجبت تعطيل مشروعه، فلزم البيت مدة درس في خلالها الفقه حتى كاد يحذق فيه حذق والده. وعرَّب رواية انجلينا أو الهوى شرك الهواة ورواية الأسرة المفتونة وطبع القليل منها في العدد الأول من مجلة مرآة الأخلاق التي أنشأها مع ابن عمه الشاعر المجيد سليم أفندي عنحوري.

غادر وطنه عام 1887 وسافر بصحبة خاله سيادة المطران كيريوس ملاتيوس فكَّاك مطران بيروت وجبيل إلى أوربَّا وعرج في طريقه على رومة حيث تشرَّف بالمثول أمام الحبر الأعظم، ثم شخص إلى باريس لدراسة الطب فأسعفه وزير المعارف هناك بمراده. ولما أنشئت مدرسة القديس يوحنا فم الذهب الشرقية شَرَعَ يدرِّس فيها اللغة العربية رغمًا عن وفرة انشغاله ودروسه. ثم أصبح عضوًا في المجمع العلمي الآسيوي وأخذ يتردَّد على المكتبة الوطنية هنالك للاطلاع على كتب السلف التي استأثرت بها المكاتب الأجنبية دوننا. كما اطلع بالمراسلة واستحضر برنامج أشهر المكاتب الأوروبية كمكتبة لندن وبرلين وليْدنِ وسواها ونظر في النفيس من كتبها العربية التي انفردت به دون مكتبة باريس، وعزم على قضاء أيام العطل المدرسية في نسخ ما عساه يكون مفيدًا. أما الكتب التي انتسخها فأحسنها كتاب: خطب ابن نباتة الفارقي خطيب سيف الدولة، وكتاب أدب الحكماء لحنين بن اسحق العباديِّ، وكتاب العهود اليونانية المستخرجة من كتاب السياسة لأفلاطون، وبعض من رسائل الصابئ والصاحب أبي القاسم ابن عباد، وديوان ابن الرومي المسمَّى روضة المشتاق وبهجة العشَّاق، وديوان "ابن المعتز". ثم عمل في تأليف معجم طبِّي علمي باللغتين الفرنسية والعربية فجمع منه ما ينيف على أربعة آلاف كلمة، وأعجله داعي المنون دون اتمامه. وكان قد اختصر لاميَّة العجم للصفدي وأخرجه على أسلوب مدرسي، وأتمَّ تعريب رواية شقاء المحبين بعد أن اصدر الجزء الأول منها قبل سفره، ولم يلغيه الاشتغال بهذا الكمِّ من المؤلفات الأدبية من متابعة دروسه الطبية والاستيلاء فيها على أمد التقدم والإتقان ولبث على هذا المنوال إلى أن فاجأته يد الدهر فأودى غريبًا يوم الخميس في 13 آذار سنة 1890، وهو لا يكاد يربي على السابعة والعشرين من عمره. فأقيم مشْهد جنازة في 15 آذار بالكنيسة الشرقية للقديس جوليانوس الفقير لطائفة الروم الكاثوليك في باريس بحضور جمٍّ غفير من الوطنيين السوريين ومن أساتذة المدارس وكثير من أصحاب الفضل والأدب من أهل المدينة، وقد ابَّنه بعد الصلاة عليه الأب الفاضل الخوري الكسيوس كاتب الوكيل البطريركي هناك، ثم دفن في مقبرة PERE LACHAISE في باريس.

لقد ورد هذا النص بأكمله في المبكيات وهي مجموع ما ورد منشورًا ومنظومًا في تأبين فقيد العلم والأدب المغفور له المرحوم يوحنا عنحوري، كتب مقدمتها الباحث والمؤرخ حبيب الزيات الدمشقي الذي ورد اسمه في معجم المنجد كما يلي: زيات (حبيب) (1871-1954) مؤرخ سوري جمع مخطوطات نادرة. من آثاره الخزانة الشرقية، الديارات النصرانية في الإسلام. توفي في مدينة نيس في فرنسا حيث كان يقيم مع عائلته منذ سنين طويلة، وطُبعت في بيروت في المطبعة الأدبية سنة 1890. وقد جاء في نهاية هذا البحث صورة عن الصفحة الأولى "للمبكيات" والصفحة الثانية منها وفيها أيضًا صورة حنا العنحوري مع توقيعه.

وكان الفيكونت فيليب دي طراّزي قد ذكر حنا العنحوري في كتابه تاريخ الصحافة العربية عندما تكلم عن سليم عنحوري منشئ مجلة مرآة الأخلاق في دمشق في كانون الثاني 1886، فقال: "وكان شريكه حنا بن روفائيل بن حنا عنحوري من نوابغ الشبان السوريين، وكان بارعًا في اللغة العربية ومن بلغاء كتَّابها، وقد مات فجأة في 13 آذار 1890 في باريس".

كما جاء في كتاب الحركة الأدبية في دمشق (1800-1918) للدكتور اسكندر لوقا ما يلي: "وهكذا، بإلغاء مسرح القباني وتشريده، لم تعدم دمشق مسرحها الوحيد، وانما وُئِدت بذلك تباشير مسرحية أخرى وجدت في المدينة لتواكب أو لترفد تجربة أبي خليل القباني، ونعني المسرح الذي أنشأه حنا عنحوري (1863-1890) بشراكة صديق له يدعى جورج أفندي ميرزا، وأسمياه "مرسح الاتحاد". وكما شدَّ القباني رحاله إلى الاسكندرية (1883)، كذلك ارتحل حنا عنحوري تاركًا دمشق إلى باريس في سنة (1884) ليقضي هناك في شرخ شبابه. وبما أن التمثيل كان عارضًا في دمشق، فقد رجع القهقرى بعد هذين الرجلين".

سليم بن روفائيل عنحوري (1856-1933): ورد اسمه في معجم المنجد بما يلي: عنحوري سليم (1856-1933)، أديب وشاعر وصحفي سوري . أنشأ في القاهرة جريدة مرآة الشرق. له مؤلفات أدبية وشعرية ومجموعة مقالات. (وقد جاء تاريخ ولادته في المعجم خطأ 1865).

لقد كتبتُ منذ زمن قريب مقالاً تم نشره على صفحات المجلَّة الالكترونية "معابر"* يبحث بشكل مختصر عن سيرة الأديب والمفكر والشاعر والصحفي والناقد السياسي سليم عنحوري أحد أعلام الفكر النهضوي في سورية ومصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، الذي أحرز مقامًا عاليًا بين أصحاب القلم والفكر في زمانه ونال أوسمة وميداليات عديدة من رؤساء وحكومات البلاد الشرقية والغربية اعترافًا بمكانته الأدبية وخدماته الإدارية والقانونية المميزة في وطنه سورية، وكان أهمها الوسام الذي منحه إياه الباب العالي في اسطنبول مقترنًا بلقب "بك"، والأوسمة التي منحه إياها خديوي مصر وباي تونس وملك السويد والنروج أوسكار الثاني الذي اقترح عام 1889 على علماء العربية العارفين "بعادات العرب و شؤونهم قبل الإسلام" فقدَّم سليم عنحوري بنجاح كتابه الهام المستند إلى دراسة معمَّقة ومراجع عديدة وموثَّقة عنوانه: كتاب عكاظ في شؤون العرب قبل الإسلام. هو كتاب مخطوط لم يُنشر، موجود في مكتبة جامعة UPPSALA في السويد، مؤلف من 43 فصلاً. وأخيرًا انتُخب سليم عنحوري عضوًا مؤسسًا في المجمع العلمي بدمشق بعد أن عاد من منفاه عام 1919.

وسأذكر هنا لمحة عن حياة سليم عنحوري الشخصية والعائلية؛ ولد سليم في دمشق وكان والده روفائيل ووالدته وردة عطايا وهي من أهالي زحلة، وكان له خمسة أخوة وأخوات أحدهم جدِّي خليل (1868-1949). خُطف الطفل سليم أثناء حوادث 1860 (الطوشة) وكان عمره أربع سنوات ثم أعيد إلى أهله بأعجوبة بعد عدة أسابيع من اختطافه، وأعتقد أن هذه الحادثة الأليمة التي تعرَّض إليها هذا الطفل سببت له منذ ذلك الحين حالة أرق واضطراب لازمته طيلة حياته فكان لا ينام أكثر من خمس ساعات في الليل، ويُمضي معظمه يقظًا يقرأ ويطالع ويكتب وينظم الشعر، وكانت بناته تتناوبن في السهر برفقته لمساعدته في تدوين كتاباته.

لم يكمل الشاب سليم دراسته بسبب وفاة والده مما اضطره للعمل في سن مبكرة لمساعدة أسرته، وكانت حوادث عام 1860 قد قضت على معظم ثروة والده. لكنه تابع الدراسة والمطالعة بمفرده وبجهد دؤوب فنزع إلى الأدب فاشتهر به وقلَّ من داناه فيه. والجدير بالذكر أن من أهم آثاره الأدبية كتاب كنز الناظم، وهو قاموس للمترادفات في اللغة ألَّفه في ثمانية مجلدات وكان في الثانية والعشرين من عمره.

تزوج من فتاة دمشقية اسمها ندى سمَّاك ورزق منها ثمانية أولاد خمسة بنين وثلاثة بنات لم أعرف منهم شخصيًا منذ طفولتي سوى أربع منهم وهم ابنته مريم جوليا (1880-1967) وأبناءه الثلاث نبيه (1886-1966) ووجيه (1888-1969) ومنير (1897-1994)، وسمعت عن ابنة اخرى اسمها روزين وأخرى اسمها كاترين روز وابنين آخرين ميخائيل والياس وأظنهم توفُّوا جميعهم في عمر مبكِّر.

كان سليم حاد الذكاء سريع البديهة والحفظ، وكان غزير الإنتاج بإمكانه نظم قصيدة تحتوي على أكثر من ستين بيتًا في ليلة واحدة إذا صادفه خلال النهار أو خلال السهرة أمر أو حادثة أوحيا إليه القيام بهذا العمل. وقد أتلفت عائلته مع الأسف العديد من أوراقه ومخطوطاته خوفًا من التشديد والمداهمات التي كانت تقوم بها السلطة العثمانية في دمشق وبيروت أثناء الحرب العالمية الأولى التي أدَّت إلى استشهاد عدد من الوطنيين السوريين ونفي البعض الآخر خارج البلاد. وكان من عداد هؤلاء المنفيين جماعة من قاطني حيِّ باب توما منهم سليم عنحوري وسليم بن فيليب بيطار واسبر سبع الذين تمَّ نفيهم على ما اعتقد إلى مدينة اسكيشهير في الأناضول ولم يعودوا إلى دمشق حتى انتهاء الحرب. وقد وصفته الصديقة العزيزة السيدة منى هلال أنطاكي في محاضرة هامة ألقتها في أواخر القرن الماضي في المركز الثقافي العربي في المزة وعنوانها "من يذكر هؤلاء؟" بأنه: "كان يهوى الجمال ومطارحة الغيد ووصف جمالهن الفتَّان لكن، بالرغم من أنه طلق الغزل إلا أنه كان دائمًا يعرض عن ذكر الحبيبة والرقيب، بما كان دليلاً على أخلاقه الرفيعة مما جعل القوم يلتَّفون حوله ويجلُّون قدره ويلحُّون على سماع شعره الارتجالي في الغزل، وهو من النوع الرقيق المزدان بألمع المعاني ما جعله مضربًا للأمثال". إن هذا الوصف ينطبق تمامًا على سليم عنحوري الكاتب والشاعر ويلخِّص بصدق شخصية هذا الرجل المميز كما عرفه أولاده وأقاربه واصدقاؤه المحبيِّن وكانوا كثر، وكما بقي ذكره في العائلة والمجتمع الدمشقي سنين طويلة بعد وفاته.

وأودُّ في هذا السياق سرد حادثة جرت معه بينما كان موجودًا في مدينة النبك في منزل أحد أصدقائه من آل خنشت هناك، فسمعا ضوضاءً وصراخًا في الخارج وخرجا لاستطلاع ما يحدث، فشاهدا بعض العسس يقودون جماعة من اللصوص إلى السجن ترافقهم صبيَّة جميلة تصرخ وتصبُّ جمَّ غضبها عليهم. عادا إلى  المنزل فطلب سليم من مضيفه أن يزوِّده في الحال بورقة وقلم، فاستجاب الصديق فورًا وأخرج مدوَّنة صغيرة من جيبه فكتب سليم على إحدى صفحاتها مرتجلاً بعض أبيات يصف فيها ما شاهده وما خالجه من مشاعر تجاه هذه الحادثة:

شاهدت أجنادًا تســـــــوق                  جماعة نحو السجون
فسألتهم ماذا جنــــــــــــــــــوا                 قالوا لصوصًا يسرقون
سرقوا دراهم غــــــــــــــــــادة                 حسناء ساحرة العيون
فأجبت إن كان اللصوص                 لأجل مالٍ يُسجنون
هيّا أسجنوا هذه الفتــــــاة                  مليكة الحسن المصون
سرقت نهادي ومهجتــــي                  حتى الرقاد من الجفون
ألصوصِ مال تمسكــــون                  ولصوص روح تتركون؟
فتحيَّروا وتشــــــــــــــــــاوروا                  سرًا وهم يتهامسون
من ذا الذي حقًا يـــــــــرى                  أن الملائكة يحبون

(وستجدون في آخر هذا البحث صورة لهذه الصفحة بالذات، تاريخ أيلول سنة 1914.)

بدأت هجرة آل العنحوري إلى البلاد المجاورة كما رأينا منذ نهاية القرن الثامن عشر وتكثفت بعد حوادث 1860 في دمشق، حيث قتل أثناءها بعض أفراد الأسرة وكان بينهم حنا والد روفائيل عنحوري الذي كان أحد كبار التجار الأثرياء المسيحيين في تلك الفترة، وروفائيل هذا هو والد حنا العنحوري الدمشقي الذي توفي في باريس عام 1890. فذهب بعضهم إلى إيطاليا ومصر وفلسطين، بينما سافرت "سيسيليا" (1887 - ؟ ) إحدى أخوات سليم إلى أمريكا مع زوجها سليم الحلاَّق حيث تحولت الكنية هناك إلى HALEK.

أما أبناء سليم الثلاث الذين أصبحوا من كبار تجار دمشق فقد انتقلوا إلى بيروت في منتصف الأربعينات من القرن العشرين لمتابعة أعمالهم التجارية هناك، وكذلك شقيقتهم "روز" (1894-؟) التي تزوجت جورج بيروتي، بينما بقيت أختها جوليا مع زوجها عبدالله هواويني وعائلتهما في دمشق.

تزوج نبيه بن سليم من ايفون دّهان ورزقا بولدين: نزيه وناديا، وتزوج منير بن سليم من سوزان يمين ورزقا بثلاث بنين: سليم الذي توفى في حادث أليم ولم يتجاوز عمره ثمان سنوات وسامي وسهيل وابنة اسمها منى. بينما بقي وجيه بن سليم عازبًا. وجميع هذه العائلة من أولاد وأحفاد مقيمون جميعهم في بيروت، ولم يتعاطى منهم الأدب سوى سامي بن منير (1941 -2011) الذي درس الفلسفة والقانون في الجامعة اليسوعية في بيروت (U.S.J)، ثم حاز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة "السوربون" في باريس، ثم شهادة الدراسات العليا في الحق العام الإفرنسي من الجامعة اليسوعية في بيروت. وقد عمل سامي بن منير عنحوري فترة قصيرة في الصحافة اللبنانية الناطقة باللغة الإفرنسية وكتب أربعة كتب كتبها بالإفرنسية بين أعوام 1984 و1995 توزعت مواضيعها بين الفلسفة والرواية والنقد السياسي، ثم انصرف إلى العمل التجاري مع شقيقه سهيل.

أما بالنسبة لجدي خليل شقيق سليم عنحوري فقد كان تاجرًا في دمشق، تزوج من فتاة دمشقية شفيقة زلحف، ورزقا بثلاث بنين هم جورج وجوزيف وجان (حنين) وبنت اسمها ماري روز. حصل جورج (1909-1938)، وهو والدي، على شهادة المحاماة عام 1929 من كلية الحقوق بدمشق وسار على خطى عمه سليم عنحوري في مجال المحاماة ثم القضاء. تزوج من فتاة دمشقية لوريس كاتب ورزقا بولدين مروان وسمير، لكنه توفى في حادث أليم ولم يبلغ التاسعة والعشرين من عمره. وعمل شقيقه جوزيف (يوسف) في التجارة (1911- 1974) ونجح فيها، وتزوج من امرأة حلبية أوديت بخّاش ولم ينجب منها أولاد، بينما حصل جان (1913- 1987) الابن الأصغر سنًا هو الآخر على شهادة المحاماة من الجامعة اليسوعية في بيروت وأصبح من ألمع المحامين في دمشق، وقد بقى عازبًا. وتزوجت عمتي ماري روز (1917-2003) إلى زاره كريكوريان ويقيم ابنها سامي في سويسرا والآخر فادي في فنلندا.

لم يبق حاليًا من أسرة العنحوري في دمشق سوى أخي مروان جورج عنحوري (عميد العائلة) وعائلته: زوجته ليلى من عائلة طويل الدمشقية وبناتهم الثلاث هدى وندى ومايا، وأنا سمير جورج عنحوري وزوجتي نائلة من عائلة قزح الدمشقية وولدنا جاد.

وكان شقيقي مروان قد عمل بداية في أحد المصارف بدمشق ثم انتقل إلى المنظمة العالمية U.N.D.P في دمشق حيث عمل بصفة مدير مالي، بينما عملت أنا في شركة فيليبس الشرق الأوسط الهولندية في دمشق، وأنهيت عملي فيها بعد أن ترقيت كافة درجاتها حتى منصب المدير العام للشركة في سورية. ثم تحولت اهتماماتي إلى القراءة خاصة والكتابة (أحيانًا)، والرسم حيث حققت لأعمالي الفنية خمس معارض فردية في دمشق بين عامي 2006 و2016.

لقد أصبحت أسرة العنحوري الكبيرة منتشرة في القارات الخمس يربط بينها الاسم والمنشأ، وأملي أن يهدف جميع أفرادها إلى ما هدف وآمن به سليم بك عنحوري طيلة حياته الشاقة والمناضلة والخلاَّقة "بأن العقل ركيزة أساسية للحرية والتقدم، والأخلاق أساس العدل والمساواة".

وبالختام أودُّ أن أشير أن محافظة مدينة دمشق ورغبة منها بتكريم كبار رجال الفكر والأدب من سكان وأهالي دمشق، أطلقت على جادتين تتفرع كل منهما من منطقة شارع حلب – غساني، اسم جادة سليم عنحوري رقم 1 و2 وتقع كليتهما إلى جانب منزلي ومنزل أخي في شارع حلب بدمشق.

كما أودُّ التوجه بشكر خاص إلى شقيقي مروان الذي زوَّدني بما لديه من معلومات ووثائق خاصة بالأسرة، ولجهده الطويل والدؤوب في التقصي والبحث عن أصول العائلة في سبيل تحقيق رسم شجرة أسرة العنحوري وتفرعاتها العديدة التي بقيت مع الأسف بعض أغصانها مجهولة حتى الآن.

دمشق في 21 شباط 2018

***

 

سليمان باشا الفرنساوي

 رفاعة الطهطاوي

الدكتور كلوت بك

 

أربع شمعدانات نحاسية ارتفاع كل منها متر ونصف تقريبًا موجودة في كاتدرائية سيدة النياح في دمشق وقد كتب على قاعدتها: وقفًا مؤبدًا من ميخائيل جبرائيل عنحوري في ليكورنا لكنيسة طايفة الروم الكاثوليكية بدمشق الشام سنة 1834 م.

 

 

السند التاريخي المؤرخ سنة 1834 في مدينة دمشق. ويشاهد في ذيله تواقيع بعض وجهاء طائفة الروم الكاثوليك في دمشق ومن بينهم حنا عنحوري وهو جد الأديب والمفكر حنا عنحوري الذي جئت على ذكره في هذا البحث.

 

حنا بن روفائيل بن حنا العنحوري

 

وأخواله هم ميخائيل وروفائيل وبطرس عنحوري في مصر

 

              

  

 

الدكتورة لبانة مشوّح تنتخب عضوًا جديدًا في مجمع اللغة العربية خلفًا للمجمعيّ سليم بن روفائيل بن جرجس عنحوري الملقب بالدمشقيِّ

 

        

سليم بن روفائيل عنحوري وشقيقه خليل بن روفائيل عنحوري

 

مقبرة طائفة الروم الكاثوليك في دمشق

 

دمشق – شارع حلب - غساني

 

خليل عنحوري وعائلته – ويظهر في وسط الصف الخلفي ابنه البكر جورج عنحوري

 

مجازو المعهد الحقوقي العربي بدمشق عام 1929 (وعددهم 124 مجاز)

 

           

جورج خليل عنحوري

 

ما نشر يوم تشييع المرحوم جورج عنحوري بتاريخ 30-9-1938

*** *** ***


 

horizontal rule

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني