موسيقى الخراب

 

محمد حسن (تموز)

 

"يبدو أنَّ كل شيء ضد الإنسان حتى الإنسان نفسه"

 

وردةٌ ذاهلة
ذاتي الغائبة،
اخترع نفسي            اخلقها من عدمها               أُحضرها من غيابها
عندئذٍ           من أكون أنا؟           من تكون نفسي؟

وردةٌ ذاهلة.

...

بدوت لنفسي غيري،
من أنا ؟                لا أحد،

ارتعاشٌ دائم    في حرٍّ لا يُطاق
متى يأتي الشتاء؟
كي افتتحه بالرحيل.

...

أسفل الوسادة يولد الحلم
نقيًا كالدمع
انهضُ، أهزُّ الجذع
أتناول رطب اليقظة، في مطلع السهر، امسح أحزاني بأوراق زهرها وأنتشي بوهم الفجر.

أعلى الوسادة يموت الحلم.

...

أرتبطُ بتلك الأحاسيس، أضيعُ فيها كما ضاع آدم في الفردوس الأول، وأصدِّق بأنَّ هذيانها ليس متولدًا عن حيزٍ ضيق في الزمان والمكان وإنمَّا هو هذيان كوني مركزه العالم-الإنسان.

في الصمت
العتمة المضيئة تلفُّ الجذور
لا تسألُ الأوراق عمَّا تراه،
هل تغارُ منها؟
تمرُّدُ الجذور عنوانه
"من حقي أن أرى"
خرجتْ إلى الهواء المنعش
نظرتْ حولها،
انتهى تمردها عنوانه
"من حقي ألاَّ أرى".

...

لماذا الزمن يقدر أن ينخرَ كلَّ شيء
إلا أصنامنا،
ألأنَّ عقولنا من حجر؟
لكن الزمن ينخر حتى الحجر.

آهِ ما أحنَّ الحجر!
"ليت الفتى حجر".

...

تظلُّ جراحنا نازفةً أبدًا
ماذا يفعلُ القمر المكتمل في عُمرٍ ناقص؟
يضيئنا أكثر
يُرينا عُمقَ أحزاننا
في جدار الليل الدائم
ومرايا النهار المخادع.

...

بالأمس أطلت النظر إلى القمر
رأيتُ وجهًا يضحكُ علينا.

في ضوء القمر تسألت،
ما الذي يفصل بين السماء وقمم الجبال؟
إنَّه اللون،
فقط درجةُ السواد.
والنجوم تزيِّن هذا النعش.

لا يحتاجنا هذا الليل
إلاَّ ليوهم نفسه بأنه يُطيل السهر.

...

الليل يرشُّ الأفق بعطورٍ
لا تولد إلاَّ من ورد الموت
والنهارُ، يكرِّسُ الخديعة
يكذب الليل ويوسع القبر.

عُمق كل هذه الحركة السكون
عمق كل هذا السكون الحركة.

القمر ذئبُ هذا الليل
والمتأملون يهدمون حظائرهم.

لماذا يقولُ لي حدسي
وجوهُ القمر تتعدَّد
بتعدد الناظرين وزاوية النظر؟
كذلك تكون الرؤية وقفًا
على تنويعات القمر ذاته.

أخبروه،
ذاك الساهر يحرسُ قبر المعنى
أنَّه خاوٍ.
ألِأنَّه يحرسُ قبرًا حوَّل الحياة إلى مقبرة؟

...

يبدو الليلُ غريبًا
هل يبدو النهار كذلك؟
القمر يسترسلُ في ضوءه
يستلُّ خناجره
ليس لطعناتهِ إلاّ القلب.
تبدو الرياح غريبة
والمدى حبلُ فرار،

لم يتبقى لنا إلا الصمت.

عاريًا تُريدني الطبيعة
هل لديكم سماءٌ لهذا العُري؟
ألهذا إذن، تحتجزون صوت الطبيعة-حريتي؟

لم يبق لنا إلا موائدُ الملح
في جروح النوافذ المغلقة.

انظرْ/ سماءٌ تنطفئ ورودٌ تحترق
أرضٌ تقطرُ دمًا، ملاكٌ ينتحر.

في السماء السابحة،
نجمةٌ جامحة
تُضيء لي فرصةً سانحة.
عواءٌ يُمزق صمت المكان
يخيفه ضوء القمر،
مسكينٌ هذا العواء صوته خواء
لا يولد إلاَّ ميتًا وأمه بكماء.

...

جاء الفجر ليقتلني،
رحل الليلُ ولم أسبر غور الأشياء.
عناكب تزورني، وجوهٌ تلاحقني،
والليل ضياء.
أين الماء يغسلني؟
يحملني إلى أرض السحر
من بعد عناء.

يبدو أني تائه في مجاهيل الأشياء.

...

يحملق اليأس فيَّ، أنا فيه،
عبر الحائط
يتلو صلاته وأتلو شكوكي
لا يبقى إلاَّه في حضرتي،
أنا الأحمقُ النافر
أنظرُ لا كمن يرى،
أدركُ، وفي هذا موتي.

لا يبقى سوانا يأسٌ وبائس.

...

لا قبلتك تفاحة          لا أنت جنَّة
خرجتُ بملء إرادتي.
خلقتكِ من أضلعي      معلنًا تمردي
وأصرخ: معرفتي سبقتني
حينما كانت المعرفةُ شرًّا والنفي سورها الآدمي.

...

شرودٌ يتملكني،
أأنا القائل: إني سرابٌ
والأشياء حولي واحة ماء؟
فجر العطر شمسُ الوقت
رهانٌ خاسر.
إذن، راهن.

إني خائف، إني حائر
أتغطى بأهدابي أتمتم شِعرًا
شطرٌ منه يغسل الأرض
وآخرُ يغسلُ السماء.

*** *** ***

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني