كتابُ حنّا

 

أحمد عبد الحسين

  

    تأثرت كثيراً بالتلمود دون أن أقرأه 

                 جاك دريدا

 

الى ذكرى إكرام أنطاكي

 

كتابٌ صغير ذو لون أبيض وعنوان طويل، على غلافه تخطيطٌ بالحبر.

هذا كنزُ الطفولة المنسيّ، ذكرى لها ما للذكريات المؤلمة من قدرةٍ على تجديدِ نفسها كلّ آن، مع ان ذكرى هذا الكتاب لم تكن مؤلمة؛ على العكس، كان الفرحُ الغامض مختلطاً بفائضِ عاطفةٍ مشبوبةٍ ـ لعلّها عاطفةُ كلِّ صبيٍّ  أوّلَ البلوغ ـ.

 كتابٌ يؤنسُ الليالي والأيام، أيامَ كان غيابُ الأب غيرَ مبرّرٍ وله طعمُ الخيانةِ المرِّ.

 كلّ موتٍ خيانةٌ. لكنّ موتَ الأب انهيارُ السدِّ الذي حَجَزَ عن طفولةِ الطفلِ  وحوشَ الداخلِ وكائناتها التي انفلتتْ مقهقهةً يومَ أغمضَ الأبُ عينيه.

وظنّ الصبيُّ أن الكتبَ ـ التي خلّفها الأبُ أو التي اقتناها أخوةٌ له كبار ـ تخفّف من إوارِ اللهبِ الذي تشعله مخلوقاتُ الداخلِ المريعةِ. هذا ظنُّه  ، ولم يدرِ ـ إلا بعد حينٍ ـ أنه كان يُذكي الحرائقَ الصغيرةَ التي تشعلها كائناتُ الأعماقِ، يزيدها اضطراماً، وأنه على هذه النارِ نَضَجَ، وسيحمل معه الى آخرِ العمرِ هسيسَها ورائحتَها، رائحةَ كتبٍ تحترق.

سيكتب بعد سنوات طويلة: (الوجدانُ بئرٌ سحيقةٌ تلتهبُ فيها الكتبُ).

 

كلُّ كتابٍ وقودُ جهنمَ، لكنّ كتاباً صغيراً أبيضَ على غلافه تخطيطٌ بالحبر، نسيَ اسمَ كاتبه، أما عنوانه الطويلُ فلم يبقَ منه إلا هذه الكلمةُ: (حنّا).

وحده هذا الكتابُ كان قنديلَ الجنّةِ البعيدةِ.

 

هذا الطفلُ: أنا.

أما الكتابُ فقد ضاع، إختفى كما اختفى الأبُ واختفت الطفولةُ؛ بَلَغَ نهايته مع البلوغ، لم يعدْ موجوداً. وعبثاً سأبحثُ عنه في المكتبات العامة أو في مكتبات الأصدقاء، في فهارس المكتبات الكبيرة (المكتبة الوطنية ببغداد، مكتبة الأسد بدمشق)، أو على صفحات الأنترنت. أما سؤالي الأصدقاءَ عنه فقد كان شاقاً، غالباً ما أقطعه بسخرية من نفسي قبل أن يبدأوا هم بالضحك:

ـ أسألُ عن كتاب ذي غلاف أبيضَ وعنوانٍ طويلٍ فيه تخطيطاتٌ بالحبر.

ـ ما اسمُ المؤلف؟

ـ لا أعرف.

ـ هل تتذكرُ عنوانَه؟

ـ أتذكّرُ أن في عنوانه كلمة: (حنّا).

 

وهكذا لم أكن أفعل في الحقيقة سوى إعطائهم فرصةً للضحك، الضحك الذي أحرّضهم عليه أنا قبلَ أن ينفجرَ في وجهي، أوحي لهم اني لم أكن جاداً تماماً. لأني حقاً لم أكن متأكداً تماماً من وجوده.

 

القنديلُ الساهرُ على وحشة الطفل في بيت بلا أبٍ،

 صار بعيداً حتى كأنه لم يكنْ.

 

لا الذكرى المؤلمة ولا الذكرى البهيجةُ هي ما نحمله معنا وشماً على أرواحنا، بل الذكرى المقلقة، المشكوكُ بها لكنْ القاهرةُ، تقتاتُ من الأزمنةِ كلِّها وتنمو؛ نربّيها بالحدس والظنون وأفكارِ ما قبلَ النومِ، نسقيها نكهةَ فرحٍ غابرٍ لعلّه ما كان موجوداً؛ وبكتمانها عن الناس نحفظها من التلف.

 

الكتابُ الأبيضُ ذو العنوان الطويل  سأسميه اختصاراً (كتاب حنّا)، له هذه القوّةُ المقلقةُ التي ستتعاضلُ وتنمو دون أن تمنحَ لنفسها تفسيراً مُطَمْئناً، كان الشعرُ لديّ ـ أنا الطفلَ ـ هو السيّابَ فقطْ، كتابَه السميكَ الأحمرَ الذي حفظتُ الكثيرَ منه دون أن أفهمه، الكتابَ الذي كان أخي يخفيه بعيداً وراء الكتبِ لسببٍ مضحكٍ عرفتُه فيما بعدُ، حين اقتادني يحيى (وهو اسم أخي) الى السطح، أشعلَ ناراً صغيرة وابتدأ بحرقِ كلِّ الكتب الحمراء التي كنت لا أحبّها، ومنها ذلك الكتابُ الذي كرهتُ عنوانَه (ماركس، انجلز، الماركسية). أضاءت النارُ صورةَ الرجلِ الملتحي على الصفحة الأولى، ثم جعلتْها رماداً.

أُحرقتْ الكتبُ الحمراءُ في حفل مهيب صامت، غير أن كتابَ السياب بقي الأحمرَ الوحيدَ في المكتبة. عظيمٌ منظرُ الكتبِ وهي تُحرقُ (الوجدان بئرٌ سحيقةٌ تلتهبُ فيها الكتبُ). وأعظمُ منه أن ينجو كتابُ السيّاب.

 

ليبقَ الشعرُ اذاً، ليبقَ السيابُ وحده، ولتلتهبْ كلُّ الكتبِ الأخرى في أتونِ الخوفِ هذا.

 

كان كتابُ حنّا الصغير (أو هكذا أوحتْ لي مخيّلتي في ما بعد) ضائعاً، منسياً وسطَ مجلدات تفسير القرآن، قريباً من مخطوطةٍ مستنسخة ومجلّدةٍ مكتوبةٍ بخطٍّ فارسيٍّ في أكثر من ألفِ صفحةٍ وبهوامشَ على يمينِ كلِّ صفحةٍ ويسارها، عنوانُه لا أذكره تحديداً ولكنه يتحدث (عن حياة المهديّ ومن رأى الإمامَ  في غيبته).

ربما حلمتُ بكلّ هذا.

 منْ بين هذه الكتبِ انتشلتُ كتابي.

التقطتُ كتابَ حنّا من بين جيرانه الكبارِ ليكونَ لي وحدي، أحتفظُ به في الدُرْجِ الخاصّ بي حيثُ كتبي المدرسية، والأوراق التي كنتُ أكتب فيها (شعراً) يدهش الآخرين ( يحيى قال فيما بعدُ إنه كان يفتعل الدهشةَ ليشجعني) كان يدهشهم لأنه موزون، ولايدهشني أنا لأني أعرف أن أكثرَ جُمَلهِ منقولةٌ (بأمانة كبيرة) من كتاب السيّاب، الكتاب الوحيد الذي نجا من محرقة الكتب الحمراء.

 

صغيرٌ كتاب حنّا الى حدّ اني كنت أقرأه مرتين أو أكثر كلّ يوم، لكنه، عكسَ كتابِ السيّاب، لا يمكن حفظُ شيءٍ منه، لاوزنَ فيه ولا قوافيَ (هل كان شعراً؟)، لكنه رائع، مكتوبٌ لطفلٍ يريد إسكاتَ حيوانات أعماقه، يلقمُ أشخاصَه جُمَلاً طويلةً يلهيهمْ بتأملها، ومن فَهِم منهم فليفهمْ، ومن لم يفهمْ فستكون له حصته من السحر، من الدهشة التي ستطبع الى الأبد كلَّ قولٍ موارَبٍ. كلُّ عبارة تطرح نفسَها على الطفل وكائناته، تلقي نفسها إليه غيرَ واثقةٍ من شيء، لا تريد أن تستقرّ في الذاكرة ولا السكنَ في إيقاعٍ يسمح له بكتابتها من جديد في الأوراق المبعثرة في الخزانة، الأوراق التي أدهشتْ الآخرين والتي لم تعدْ لها ذاتُ القيمة بعد أن خصَصْتُ نفسي بكتاب حنّا ورحتُ أنسخ منه كلّ يومٍ حصتي من كلامٍ له غرابةُ الشعر، وسطوةٌ تجعل من العسير إدعاءه أو التغنّي به أو قراءته بصوتٍ عالٍ، لكنْ من المُحال إهماله.

 

أولى أحلامِ اليقظة التي لعبتُ فيها دورَ شاعرٍ كانتْ مع كتاب حنّا وبفضله، أولى مداولاتي مع العدم. وحين كبرتُ وكان توقٌ جارفٌ يأخذني الى كتب قرأتُها صبياً فأعيد قراءتها وأجدَها لا تطاقُ لسذاجتها، أعرفُ أنّ تيه الطفولة  الساحرَ أوهمني بسحرها، وأهجسُ ـ في عمق رغبتي في العثور على كتاب حنّا ـ رغبةً أخرى خفيّةً مضادّةً، رغبةً في أنْ لا أجده ، أن لا أقرأه ثانية لئلّا يبطلَ سحرُه، لئلّا أرى فيه من الطفولةِ مجرّدَ نقصانِ الفهمِ الذي فيها.

 

فنحن، الذين لم نعد أطفالاً منذ وقت طويل، نضع فاصلاً بين البراءة التي في الطفل وبين قلّة التدبير التي هي شأنه. نُغرَمُ ببراءتنا القديمة ولا نستذكر التيه الذي كنّا فيه، ننسى الجهل الذي ربما كان سبب البراءة ذاتها وعلّة اندهشنا بذكريات الطفولة كلها. لعلّنا مغرمون بالجهل ونحنُّ اليه ولاندري.

 

والجنّة؟ ماهي الا العالم الذي كنّا فيه قبل أن يأكل أبونا من شجرة المعرفة، أطعمتْه أمنا العظيمة ثمرةً فتحتْ عينيه وتركته يتلوّى أبدَ الدهر حنيناً الى فردوسه الأوّل، الى الدهشة والسحر المقيمَينِ، الى جهله القديم.

 غير اننا نريد أن نكون أطفال البراءة فقط لا أطفال الجهل.

 

هذه الرغبة الخفيّة في عدم العثور على كتابي الصغير كنت أستشعرها، هي ذاتها الرغبة في حفظ طفولتي من جهلٍ أدرك الآن أنه بدُّها اللازم، إسمها الآخر. إن حوّاء آدم فضيحته أيضاً  بل هو هي.

مع ذلك كنت أستذكر ان كتاب حنّا (حتى لو لم يكن موجوداً) قد ثبّتَ في أعماقي ما لن ينمحي فيما بعد.

حتى تخطيطات الحبر التي كانت فيه، قادتني الى وجهة أخرى، كنت أنسخها مراراً وتكراراً الى أن أحببت الرسم، هي أوّل ما رسمت (إذا نسينا الواجبات المدرسية التي كان يرسمها أحياناً أخوة كبار لنا)، لكني مع تخطيطات كتابي الأبيض صار الرسام الذي هو أنا بطلَ حلم يقظة عظيم، حلمٍ سيظلّ معي في براءته (في جهله) إلى أن يُدْخِلَني أكاديمية الفنون الجميلة طالباً كسولاً أدركَ في سنتة الأولى انه ليس رساماً ولا يمكن له أن يكون. عبثاً كانت تتصل ميديا كلّ يوم بأمي من أجل إيقاظ أحمد ليذهب الى كليتة قبل ان يُفصل بسبب غياباته، لكن هيهات، كان آدم مطروداً من جنته هناك يحلم بها، لقد أكل من ثمر المعرفة فأدرك جهله.  فضحتْ معرفتُه براءتَه وانتهى كلّ شيء.

خرج من الكلية دون أن يكملها، كان يقول:

 

عندما أكملت كتابي

خرجت من الأكاديمية وعلى كتفيّ كنيستان تتقاتلان

وفي ثوبي رائحة جندي هارب من الخدمة العسكرية.

 

تخطيطات الكتاب غريبة، هي أيضاً كانت مصممة لي، لطفلٍ ساهمٍ أبداً، يكنز أحلاماً سعى دوماً الى أن لا يفهمها أحد سواه.

في الرسوم تلك: أجساد طوال تخرج منها شرايين كثيرة، وفي نهاية كل شريان عين انسانية تنفتح، أشجار معلقة في الهواء تمتد جذورها الى أسفل متشابكة مع شرايين الناس ذات العيون، الشرايين المبصرة التي تملأ الفضاء.

 

وقت طويل مرّ، كتبتُ فيه الكثير ونشرت الكثير، غادرت العراق مبكراً واندثر حلم يقظة الرسام (في الحقيقة، أحلام اليقظة كلها انمحت) مات الرسام فيّ، وظلّ الشاعر وحده (ذكرى الكتاب الوحيد الناجي من المحرقة، من هذه البئر السحيقة التي تلتهب فيها الكتب).

 

 نشرت كتابي الأول وتمنيت لو أن أحداً ما، قارئاً طفلاً في أوّل البلوغ انتشله من بين كتب كثيرة وخبأه في درجه بين كتبه المدرسية وأشعاره التي تثير دهشة الآخرين.

 

وحدث مرة أن أُرسل لي عدد من مجلة (ألواح) فيه قصيدة منشورة لي، فتحت العدد وهناك عقدتْ لساني الدهشة: كانت قصيدتي (جدل) تزينها ثلاثة تخطيطات: الشرايين المبصرة ذاتها، العيون المعلّقة في أطراف الشرايين الخارجة من الأجساد النحيفة الطويلة، انها التخطيطات ذاتها التي كانت في كتابي المفقود، ايّ عماءٍ ساقها الى قصيدتي بالذات؟ هاهو كتاب حنّا يذكرني بنفسه بعد أن ظننت أني أكملت كتابي ونسيته. سرّ مطويّ من أسرار طفولتي نُشر هاهنا مع قصيدتي المنشورة. هذه التخطيطات التي طالما نسختها انبثقت هنا فجأة في قصائدي التي قلت فيها: (سأولد من لا أب، من لا أم)، ظهرَ طيفٌ من اطياف كتابي الأوّل ليذكرني أن لي أباً وأماً نسيتهما: آدم وحوّاء في جنّة ضائعة، في ذكرى مقلقة.

وكيف... كيف لم أنتبه من قبلُ الى اسم مَنْ رسم هذه التخطيطات: هو شاعر كبير. ولعلّه قضى لياليَ يتقلّب على سرير الأرق قبل أن يقتنع أخيراً انه لم يكن رساماً، قبل أن تلتهب الكتب في أعماقه ليظلّ كتاب الشاعر وحده.

انه لوركا، كيف لم أعرف رسام هذه التخطيطات الغرائبية، لوركا القتيل كانت رسومه تمنح كتاب حنّا سحراً مضاعفاً، وهاهي تُرجع قصيدتي بعد عشرين عاماً الى منبتها، الى النخلة وسط البيت، نخلة الأب الغائب للأبد، نخلة الغياب التي يجلس في ظلّها طفل يرسم في قيظ تموز حيوانات أعماقه ذات الشرايين المتطلعة بقسوة الى العالم.

 

الدم يبصر بعيونه الكبيرة ولا يتكلم.

 

فرحي بوجود هذه الرسوم الى جوار قصيدة لي، أثبت لي ان كتاب حنّا ليس وهماً اصطنعتْه في حياتي الملأى بالهوامات، حياة اختلط فيها الواقع بأطيافه، والناس بمخلوقات الليل التي كفّت عن أن تفزعني بعدُ لكثرة تجوالها حولي وفي جسدي على السواء.

واقتنعت: ليس الكتاب وهماً لكنه مخادع. لا يكشف لي من نفسه إلا ما يزيد في اقلاق ذكراه.

وكان هذا عزائي:

لم يتغير شيء كبير مذ رأيت الرسوم.

قبل أن أراها كنت أسأل الأصدقاء عن كتاب صغير أبيض ذي عنوان طويل،لا أذكر منه الا كلمة (حنّا).

بعدها صرت أضيف:... وفيه تخطيطات للوركا مثل هذا:

 

 

 وأمسِ فقط، الثالث عشر من كانون الثاني عام 2003، حين كنت ضجراً أتصفّح

الأنترنت اذ لامزاج للكتابة لديّ، وقع بصري على صورة لغلاف كتاب أبيض عليه تخطيط للوركا، عنوانه طويل، و....

أخيراً هاهو كتاب حنّا.

 

بعد عشرين عاماً من ضياعه عرفت ان عنوان الكتاب (مغامرات حنّا المعافى حتى موته) وهو للشاعرة السورية ( إكرام أنطاكي)، والى الأعلى، فوق صورة الغلاف قرأتُ أنها ميتة.

حزنت ليس لموتها فقط.

بتّ مغموماً لأني أيقنت ان كتاب حنا موجود حقاً، وانه كفّ عن أن يكون مخادعاً.

لكلّ شاعر كتاب ضائع، قلت في نفسي، ومن الأفضل أن لا يبحث عنه.

أحسست أن كل شيء الآن حقيقي بما لا يطاق.

 

وجدتُ الكتاب؟

ألا من يعزّيني بهذا الفقد؟

 

وأنت

ان كان لديك كتاب مفقود

إحرصْ على أنْ لا تجده.

 ******

 

 

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود