العلم الحديث
بين المعرفة الثنوية والمعرفة اللاثنوية

 

ندره اليازجي

 

عندما يسعى الكون، ككلٍّ واحد، في معرفة ذاته بواسطة العقل البشري، يبقى بعضُ معالم هذا الكون مجهولاً. وعندما تنبثق المعرفة الرمزية إلى الوجود، ينشأ معها شرخٌ في الكون يفصل العارف عن المعروف، الذات (المفكِّر) عن الموضوع. وإذا كان الأمر على هذا النحو، فإن وعينا الكامن في عمق العمق فينا، بوصفه عارفًا لحقيقة العالم الخارجي، يفلت من نطاق قدرته على فهم ذاته، فيظل ذلك المجهول، اللاَّمعروف، اللاَّمرئي، اللامُدرَك، ويكون أشبه باليد التي تمسك بالأشياء دون أن تكون قادرةً على الإمساك بذاتها أو بالعين التي ترى العالم دون أن تكون قادرةً على رؤية ذاتها! ولقد عبَّر د.ت. سوزوكي، اختصاصي بوذية زِنْ الكبير، عن هذه الحقيقة بالكلمات التالية:

في البدء، الذي ليس في الحقيقة بدءًا، ابتغت الإرادة أن تعرف ذاتها. [...] ومن تلك الإرادة استيقظ الوعي، وبيقظة الوعي انقسمت الإرادة إلى قسمين وصارت – وهي الكلمة الموحَّدة في ذاتها – فاعلةً ومراقِبة. وفي تلك اللحظة، صار النزاع أو الصراع محتمًا، وهذا لأن الفاعل يريد أن يتحرر من التحديدات التي ألزم نفسه بها في رغبته الهادفة إلى الوعي. وفي هذا السياق، يصبح قادرًا على الرؤية؛ وفي الوقت ذاته، يبقى هنالك شيء لا يستطيع رؤيته كمراقِب.

وقد عبَّر الفيزيائي آرثر إدِّنغتون عن الحقيقة ذاتها في إيجاز مُحكم، إذ كتب:

تعلِّمنا الطبيعة أن معرفة نصف العالم تؤكِّد جهل نصفه الآخر.

ويشرح لنا ج. سپنسر براون هذه القضية في المقطع الرائع التالي:

دعونا نتأمل العالَم كما يصفه الفيزيائي. إنه يشتمل على عدد من القسيمات الأولية التي، إذا ما أُطلِقَتْ عبر مكانها الخاص، أصبحت موجات وتميَّزت ببنية مصفَّحة [مؤلَّفة من صفائح]، كاللؤلؤة أو البصلة، وبأشكال موجية أخرى، تدعى كهرطيسية، تنطلق عبر المكان بسرعة قياسية. ويبدو لنا أن هذه الأمور كلَّها محدَّدة بقوانين طبيعية تعيِّن شكل العلاقة.
يدرك الفيزيائي الذي يصف هذه الأمور أنه مكوَّن على النحو ذاته. وهذا يعني أنه مؤلَّف من خليط من الدقائق التي يصفها، إذ يتعيَّن بها ويتساوق مع قوانين عامة يعمل على اكتشافها وتسجيلها.
بذا لا نستطيع أن ننكر أن العالم الذي نعرفه مشيَّد بحيث يتمكن من معرفة ذاته. وإنه لأمر مذهل! وإذا ما سعى في معرفة ذاته، وجب عليه أن يقسم ذاته، في الحدِّ الأدنى، إلى وضع يكون فيه "رائيًا" وإلى وضع آخر يكون فيه "مرئيًّا". وفي هذه الحالة المقطَّعة، يعتبر ما يراه مجرد جزء من ذاته. ولئن كنَّا نعلم أن العالم هو ذاته، أي أنه لا يتميز من ذاته، إلا أنه في كلِّ محاولة لرؤية ذاته كموضوع يسلك سلوكًا يكون فيه متميزًا من ذاته، وبالتالي مزيفًا لذاته ومضلِّلاً لها.

من هنا يجوز لنا أن نقول: كما أن السكين تعجز عن قطع ذاتها، كذلك لا يستطيع الكون أن يرى ذاته تمامًا كموضوع دون أن يزيف حقيقته أو يشوهها كليًّا. لذا تُعَد محاولة معرفة الكون كموضوعِ معرفة قضيةً متناقضةً في صميمها. والحق أنه بقدر ما تبدو لنا محاولةً ناجحةً نظريًّا فهي تفشل واقعيًّا، ويصبح الكل "مزيفًا" أو "مضلِّلاً لذاته". ويؤسفنا أن نقول إن هذا النمط للمعرفة الثنوية الذي يُجزَّأ فيه الوجود إلى فكر وموضوع، حق وباطل، خير وشر، إلخ، يشكل حجر الزاوية في الفلسفة الغربية واللاهوت الغربي والعلم الغربي، وهذا لأن الفلسفة الغربية تعتمد في أصولها على الفلسفة الإغريقية التي تُعتبَر فلسفة إثنينية. والحق أن الموضوعات الفلسفية الكبرى التي تُناقَش في الوقت الحاضر هي من إبداع الفلاسفة الإغريق وصياغتهم (ولاسيما أرسطو). وتشتمل هذه الموضوعات على ثنوية الحق قي مقابل الباطل التي يُطلَق عليها اصطلاحُ "المنطق"، وثنوية الخير في مقابل الشر التي تُدعى بـ"الأخلاق"، وثنوية الظاهر في مقابل الحقيقة التي تُسمَّى بـ"الإپستمولوجيا". وقد استهلَّ الإغريق دراسة الأونطولوجيا، وهي الفحص عن الكينونة أي ماهية الكون، وتركزت تحقيقاتهم وتساؤلاتهم المبكرة حول الثنويات التالية: الواحد في مقابل الكثير، الفوضى في مقابل النظام، البساطة في مقابل التركيب. ولمَّا كان الفكر الغربي قد تجذَّر في هذه الثنويات، فقد استمر، طوال تاريخه، يولِّد ثنوياته الخاصة: الغريزة في مقابل العقل، الموجة في مقابل الجسيم، الوضعية في مقابل المثالية، المادة في مقابل الطاقة، الفكرة في مقابل نقيضها، العقل في مقابل الجسد، المذهب السلوكي في مقابل المذهب الحيوي، التسيير في مقابل التخيير، المكان في مقابل الزمن، إلخ.

ثمة سبب أساس يدعونا إلى اعتبار طريقة البحث الثنوية منهجًا مضلِّلاً ويجعلنا نقر بأن الخطأ الناجم عن هذه الثنوية يشكل القاعدة التي يقوم عليها التفكير العقلي؛ وبالتالي، يستحيل أن نستأصل هذه القاعدة بالتفكير العقلي ذاته، وهذا لأن العقلاني يصر على حمل معتقده الزائف إلى نتيجته القصوى – حتى يصير قادرًا على التعرف إلى خطئه.

وفي وقتنا الحاضر، ندرك أن المنهج التجريبي يشكِّل جزءًا هامًا من منهجيات methodology العلم، الأمر الذي يجعل العالم احتماليًّا يبسط أنموذج paradigm منهج دقيق قادر على اجتثاث الثنويات. ويعود هذا التحول، بالدرجة الأولى، إلى إتقان الاختبار العلمي ودقة الأدوات المستعمَلة فيه اللذين يسمحان بمتابعة الثنوية حتى حدودها القصوى. وفي هذا الخصوص، نتحدث عن بعض الاختصاصات العلمية، كالفيزياء والرياضيات، وعن بعض العلوم الناشئة، كالإيكولوجيا والمذهب الكلاَّني Holism، التي تتجاوز الثنويات التي طالما عززتْها العلوم الأخرى. ومع ذلك، لا مناص من الإقرار بأن جميع العلوم بدأت بحثها على نحو ثنويات؛ لكن بعضها بلغ الحدود القصوى للثنوية عن طريق التجربة والاختبار.

لقد استطاع الإنسان، بعد انقضاء فترة زمنية لا تقل عن ثلاثمائة عام، أن ينظر إلى نفسه لا كرهينة في لعبة عشوائية، بل بصفته مكتشفًا لمباحث اتسعت إلى اتجاهات عديدة ومتقصيًا لها: مُثُل جديدة، آفاق جغرافية جديدة، أنماط جديدة لاختبار وجوده، إلخ. ومع ذلك، ظلت المعرفة خاضعة للتصور الثنوي. فكما قال كل من وايت ووايتهد: "سعى الإنسان إلى اكتشاف طريقة للاكتشاف" أو "اختراع طريقة للاختراع". والحق أن كلاًّ من كپلر وغاليليو توافقا على صياغة مبدأ مُفاده أن قوانين الطبيعة تُكتشَف عن طريق القياس؛ وهكذا ساد الاعتقاد بأن الحقيقة القصوى أو السامية هي تلك الحقيقة القابلة للقياس!

وهكذا أصبحت منهجية القياس هي العقيدة الجديدة، وذلك لأنها، للمرة الأولى، صاغت إجراءً أو نظامًا منهجيًّا للتحقق من الفرضية تحققًا تجريبيًّا. والحق أن الإنسان العلمي لم يعد يكتفي بالنظر العقلي المحض للبرهنة على الفكرة. وفي اختصار، تحددت الفرضيات بالإجراء الذي يقبل القياس والتحقق منه موضوعيًّا، وأضحى كل ما لا يخضع لهذا القياس المنهجي غير موجود أو غير حريٍّ بالمعرفة. ومع أن هذه المنهجية المتماسكة كانت قادرةً على وضع نهاية للثنويات، لكن العلماء أصروا على بناء تجاربهم على ثنوية ديكارت التي تقوم على التمييز بين الفكر والموضوع. وهكذا نرى أن العلم الكلاسيكي قد حتَّم على ذاته مصيرًا يتجسد في إنهاء ذاته بذاته، معتمدًا إرادةً تُواصِلُ طريق البحث حتى نهايتها القصوى معترفةً بالدليل الدامغ كلما ظهر.

يمكن لنا أن نقول إن العلم، في بعض مستوياته على الأقل، منظومة أو منهجية مفتوحة. وعلى الرغم من أنه يرفض كلَّ ما ليس قابلاً للقياس والإثبات وما ليس موضوعيًّا، لكنه يتابع طريقه في أمانة وإخلاص وجهد حتى النتيجة المنطقية القصوى التي يبلغها. في هذا الصدد، يقول هايزنبرغ:

لم يستطع العلماء أن يدركوا الخطأ الماثل في التصورات الأساسية، مثل المادة والمكان والزمن والسببية، إلا من خلال البحث التجريبي الذي زوَّدهم بالقاعدة التي يعتمد عليها التحليل النقدي لتلك التصورات – هذا التحليل الذي أدى إلى إنهاء الإطار الصلب أو الصارم.

بحلول العام 1900، ساد في قناعة الباحثين أن العلم كاد أن يبلغ الغاية من البحث عن الحقيقة. وفي الواقع، لم يعد العلماء يشغلون بالَهم إلاَّ بإضافة الفاصلة العشرية! فقد تمَّ وصف جميع ظاهرات الكون الفيزيقي وصفًا تقريبيًّا عبر مصطلحَي العلَّة والمعلول الحتميين، وهذا لأن كلَّ ظاهرة في الطبيعة يمكن اختزالها إلى كتل مادية تعرِّف بها الميكانيكا النيوتُنية تعريفًا صارمًا. ومع ذلك، تصدى العلم لظاهرتين رئيستين استعصتا من حيث التعريف والتفسير على الميكانيكا الكلاسيكية: أولاهما، الظاهرة الكهرضوئية، وثانيتهما، الكارثة فوق البنفسجية. ونحن ندعوها "كارثة" لأنها جسَّدت الشرخ الأول في "الإطار الصلب" للثنوية العلمية.

تمثلت المشكلة، أول ما تمثلت، في إشعاع الطاقة من بعض الأجسام الحرارية، بحيث إن الوقائع التجريبية عقدت ارتباطًا بينها وبين النظريات الفيزيائية. وفي هذا المجال المذهل، اقترح ماكس پلانك، في عبقرية أخاذة، أن إصدار الطاقة ليس مستمرًّا، كما افتُرِضَ سابقًا، بل يتم على نحو "حزمات" صغيرة أو كمَّات quanta. وبهذا الاقتراح، تصدَّع "الإطار الصلب" للثنوية. ثم جاء أينشتاين واعتمد نظرية پلانك وطبَّقها تطبيقًا ناجحًا على الواقع الكهرضوئي، كما طبَّقها نيلز بوهر على الفيزياء ما دون الذرية. وأبان لوي دُه بروي أن المادة، وكذلك الطاقة، تُحدِثان الموجات (الميكانيكا الموجية)، واستطاع شرودنغر أن يستنبط صيغة الميكانيكا الكوانتية الهامة.

خلصت هذه التبصرات المذهلة إلى نتيجة مدمِّرة لا مناص منها، وضعها هايزنبرغ في صيغة "مبدأ اللاتعين" Indetermination Principle. ولما كان العلم يعتمد ثنوية الفكر والموضوع، المراقِب والحادثة، فإن البحث الثنوي امتد إلى عالم الفيزياء ما دون الذرية. وعندئذٍ، سعى العلماء في تعيين القسيمات، كالإلكترون، وقياسها ليضمِّنوا الذرة في تعيينهم وقياسهم، مفترِضين أن تلك القسيمات هي "حقيقة الحقائق" أو الأشياء القصوى التي تشكل الطبيعة برمتها دون أن تكون قابلة للاختزال.

في عالم الفيزياء ما دون الذرية، واجه العلماء مشكلة مستعصية، وهذا لأن قياس أيِّ شيء يتطلب الاعتماد على أداة قياس. وإذا كانت سرعة الإلكترون تقبل القياس بدقة كبرى، مثله كمثل "الضوء" بوصفه فوتونًا، مهما تكن أداة القياس أو وسيلته، لكن القياس بهذه الأداة يجعل الإلكترون يغيِّر موقعه. والحق أن هذه المشكلة لا تتصل بالتقنية المستعمَلة للقياس بقدر ما تتصل بنسيج الكون ذاته. وهكذا بلغ الفيزيائيون الحدَّ الذي تبطل فيه كل فرضية تزعم أن المراقِب منفصل عن الحادثة المراقَبة بحيث يستطيع أن ينهمك ثنويًّا في قضية الكون دون التأثير فيه. بذا أدرك العلماء عدم صلاحية هذه الفرضية، إذ تبيَّن لهم أن الفكر والموضوع متحدان اتحادًا صميميًّا وجوهريًّا. عند هذا الحد، تثاقل سيرُ مئات النظريات، وعند هذا الحد أعلن الفيزيائي إدِّنغتون:

ثمة مجهول يعمل في الخفاء، ولا نعرف ما هو.

وبصوت خفيض تكلَّم هالدن قائلاً:

ليس الكون أغرب مما نفترض، بل أغرب مما نستطيع أن نفترض.

بذا نرى أن هذا العجز في تعيين "الحقائق النهائية" للكون تعيينًا كليًّا أصبح التعبير الرياضي الماثل في مبدأ هايزنبرغ في اللاتعيُّن، هذا المبدأ الذي يميِّز نهاية طريقة الفهم الثنوية الكلاسيكية للواقع. كتب وايتهد:

إن تقدُّم العلم بلغ الآن نقطة تحوُّل. لقد اهتزت الأسُس الراسخة للفيزياء، وأمست الأسُس القديمة للفكر العلمي غامضة لا تقبل الفهم. وباتت مفاهيم الزمن والمكان والمادة والمادي والأثير والكهرباء والميكانيكا والمتعضِّية والوضع النسبي للذرات في جزيء والنموذج والوظيفة تتطلب تفسيرًا جديدًا. فما الفائدة من الكلام على التفسير الميكانيكي إنْ كنَّا لا نعرف ما نعنيه بمصطلح الميكانيكا؟

حملت الثورة الكوانتية في أحشائها كارثة، لا لأنها أصابت نتيجة أو نتيجتين من نتائج الفيزياء الكلاسيكية، بل لأنها أصابت حجر الزاوية فيها، الذي هو الأساس الذي شُيِّد عليه البناءُ المعروف بثنوية العقل والموضوع برمَّته. وفي هذا الخصوص، صرح العالم سوليڤان:

لا نستطيع أن نراقب مسلك الطبيعة دون أن نشوِّشه ونعرقله.

وصرح أندراد:

المراقبة تعني التدخل في ما نراقب. [...] المراقبة تشوِّش الواقع. وهكذا اتضح للفيزيائيين أن القياس الموضوعي والتحقق لم يعودا الحدَّ الذي تبلغه الحقيقة المطلقة، وذلك لأن الموضوع المقيس لا يقبل الانفصال كليًّا عن الفكر الذي يقيس، ولأن المقيس والقائس، المتحقَّق منه والمتحقِّق، على هذا المستوى، يتآلفان في الوحدة.

وقد توصل كورت غودل، عالم الرياضيات الفذ، إلى مبدأ شبيه بمبدأ هايزنبرغ في اللاتعيُّن عُرِفَ بـ"فرضية عدم الاكتمال" Incompleteness Hypothesis. وتشتمل هذه الفرضية على إثبات رياضي مجتهد مُفاده أن

كل منظومة للمنطق يجب أن تشمل، على الأقل، مقدمةً منطقيةً لا تقبل البرهان دون أن تتناقض.

بذا، منطقيًّا وفيزيائيًّا، لا يكون التحقق "الموضوعي" معلَمًا من معالم الحقيقة.

نستنتج مما تقدَّم ما يلي: عندما نجزِّئ الكون إلى فكر وموضوع، إلى حالة تَرى وحالة تُرى، نجد أن شيئًا ما يفلت من زمام هذه التجربة. وفي هذه الحالة، نجد أن الكون "يروغ دومًا من ذاته جزئيًّا"، وهذا لأن المنظومة المراقِبة لا تستطيع أن تراقِب ذاتها: الرائي لا يستطيع أن يرى ذاته. ولهذا السبب، نجد في الأساس من المحاولات الثنوية كلِّها مبدأين هما اللاتعيُّن وعدم الاكتمال: ففي قاعدة العالم الفيزيقي، نجد مبدأ اللاتعيُّن، وفي قاعدة العالم العقلي نجد مبدأ عدم الاكتمال. وهكذا نعلم أن استهلال العلم بإقحام ثنوية الفكر والموضوع أمر يشير إلى بداية سيئة. ولم ينطلق العلم في مجراه ليبلغ الحدَّ المُبطِل إلاَّ في الربع الأول من القرن العشرين.

في الثنوية الإپستمولوجية للفكر والموضوع، نجد ثنويتين أونطولوجيتين أخريين موازيتين هما: ثنوية الروح والمادة وثنوية العقلي والمادي. ولقد تمحورت هذه المعضلة حول المحاولة التي استهدفت معرفة "الجوهر" الأساسي للكون وكيفية تشكُّله: أهو، في كلِّيته، ذرات مادية مرتَّبة بطريقة تدعو إلى اعتبار "الوعي" وهمًا واعتبار "العقل" إفرازًا من المادة؟ ألا يبرهن هذا الموقف على أن المادة، في حقيقتها، مجرد فكرة؟ وإذا توغلنا إلى قلب الموضوع سألنا: أين يكمن وجود انطباع المادة أو فكرتها؟ وعلى لسان المثاليين نجيب: إن الانطباعات المادية موجودة في الوعي وحده. وبناءً على هذه المقدمة نقول: ليست المادة كلها إلا فكرة عقلية.

في تاريخ العلم، نجد أن العلماء الأوائل انضموا إلى أنصار المذهب المادي الذين زعموا أن المنهج العلمي قادر على قياس كتل المادة والتحقق منها، لكنهم عجزوا عن اختراع أداة قادرة على رصد "روحانية" المادة. وعلى الرغم من أن الفيزيائيين الكوانتيين لم يناقشوا هذا الموضوع، لكنهم، وإنْ لم يتيقنوا من وجود جوهر روحي، لم يستطيعوا أن يجدوا جوهرًا ماديًّا في المقابل. وفي هذا الصدد يقول أحد الفيزيائيين:

إن تصورنا للجوهر المادي مفهوم مشرق مادمنا لا نواجهه. والحق أنه يبهت ويتضاءل شيئًا فشيئًا متى أخضعناه للتحليل، لنخلص إلى واقع مُفاده أن الجوهر المادي الصلب للأشياء وهم آخر. لقد تعقَّبنا المادة الصلبة من السائل المتصل إلى الذرة، ومن الذرة إلى الإلكترون، فضاعت منَّا هناك.

وتناول برتراند راسل الموضوع قائلاً:

في اختصار، مضت الفيزياء الكوانتية بثنوية أخرى، هي ثنوية العقل والمادة، إلى الحدِّ المبطل، وتوارت هناك.

ويلخِّص برونوڤسكي المعالم الأساسية للنسبية بالتأكيد على أن

[...] النسبية تشتق أصولها من التحليل الفلسفي الذي يصر على عدم وجود واقع ومراقِب، بل على تحالف الاثنين في المراقَبة. فالحادثة والمراقِب لا ينفصلان.

ويؤكد شرودنغر، أحد مؤسِّسي الميكانيكا الكوانتية، على وحدة الموضوع والفكر، ويضيف قائلاً:

لا نستطيع القول بأن الحاجز القائم بينهما قد هدمتْه التجربة المعاصرة في العلوم الفيزيائية، وذلك لأن هذا الحاجز غير موجود.

ويستنتج هايزنبرغ ما يلي، فيقول:

منذ البداية، وجدنا أنفسنا منخرطين في الديالكتيكا الدائرة بين الطبيعة والإنسان التي يلعب فيها العلم دورًا، بحيث إن التقسيم العام للعالم إلى فكر وموضوع، إلى عالم داخلي وعالم خارجي، إلى جسد وروح، لم يعد ملائمًا ووافيًا ويجعلنا نواجه مصاعب جمَّة.

أخيرًا، نردِّد مع شرودنغر قائلين:

لا نستطيع أن نتجاوز هذه المصاعب إلا بإسقاط الثنوية.

هكذا يبذل الفيزيائيون المحدثون جهدهم من أجل "إسقاط الثنوية". والحق أن الفيزياء الحديثة، بعد أن تخلَّت عن التقسيم الوهمي بين الفكر والموضوع، بين الموجة والجسيم، بين العقل والجسد، بين العقلي والمادي، بدأت تهمل ثنويات الزمن والمكان، المادة والطاقة، المكان والأشياء. فكما يقول نيلز بوهر:

إن الكون مكوَّن تكوينًا تكون فيه العبارة الزائفة نقيض العبارة الصحيحة، وتكون الحقيقة العميقة نقيض الحقيقة العميقة الأخرى.

تذكِّرنا ملاحظة شرودنغر بأننا لا نستطيع هدم الحاجز القائم بين الفكر والموضوع، وذلك لأنه غير موجود أصلاً! وبالطريقة ذاتها، نقول: كما أن الوجه والقفا طريقتان مختلفتان للنظر إلى جسم، كذلك يكون الفكر والموضوع، النفس والجسد، الطاقة والمادة، إلخ، طريقتين لفهم حقيقة واحدة. وما لم نكن قادرين على إدراك هذا الواقع، وعملنا على تأليب "الأضداد" بعضها على بعض، باحثين عن "حقيقة" إحداها و"زيف" الأخرى، فإننا نحكم على أنفسنا بإحباط مزمن ينتج عن محاولتنا حلَّ معضلة باطلة لا معنى لها. وفي هذا الصدد يقول أحد علماء الفيزياء الحيوية:

الحقيقة، المستقلة بتفرُّدها، تتحرَّر بالتناقض. فالإنسان لا يستطيع أن يعرف موضعه وذلك لأنه خلق عالمين من عالم واحد.

في ثنوية "خلق عالمين من عالم واحد" يتصدَّع العالم ويتشوَّه، وبالتالي، يصبح "زائفًا لذاته". وفي أساس "خلق عالمين من عالم واحد" يكمن وهمُ ثنوية انفصال الفكر عن الموضوع وتمايُزه عنه. والحق أن الفيزيائيين بدأوا يتأكدون من عدم ملاءمة المعرفة الثنوية ومن احتمال وجود نمط آخر لمعرفة الحقيقة، هو نمط لا يتسنَّى فيه فصل العارف عن المعروف، الفكر عن الموضوع. عن هذا النمط الثنوي للمعرفة يحدثنا إدِّنغتون:

يتوافر لدينا نوعان من المعرفة، أدعو أولهما المعرفة الرمزية وأدعو ثانيهما المعرفة الحميمة. ويمكن لي أن أقول إن أشكال التفكير المألوفة قد نَمَتْ وتطورت في اتجاه المعرفة الرمزية وحدها. ويمكن لي أن أضيف إلى قولي هذا إن المعرفة لن تخضع للتصنيف والتحليل، وإن محاولة تحليلها تُفقِدُها الحميمية والود، الأمر الذي يدعو إلى إحلال الرمزية محلَّها.

يُطلق إدِّنغتون على النمط الثاني تسمية "المعرفة الحميمة"، لأن الفكر والموضوع يتحدان اتحادًا وديًّا في سيرورتهما؛ وفي اللحظة التي تنبثق ثنوية الفكر والموضوع يضيع "الود" ويستعاض عنه بالرمزية، الأمر الذي يجعلنا نسقط إلى عالم المعرفة التحليلية والثنوية. وهكذا تكون المعرفة الرمزية معرفة ثنوية. وإذا كان الفصل بين الفكر والموضوع وهميًّا، كانت المعرفة الرمزية الناتجة عنه وهمية بالمثل. وفي هذا المجال، يتكلم إدِّنغتون بلغة مجازية تصويرية، فيقول:

في عالم الفيزياء إنجازٌ يصور حياتنا العادية والمألوفة تصويرًا شعاعيًّا. فكما أن ظلَّ مرفقي يتكئ على طاولة في الوقت الذي يسيل حبر ظلِّي على الورقة الظل، كذلك يُعَد التأكد من أن العلم الفيزيائي يهتم بعالم الظلال أو الوهم قضية ذات أهمية كبرى في نطاق الإنجازات الحديثة.

يعلِّق شرودنغر على هذا الإقرار، فيقول:

إن اكتساب عالم الفيزياء الصفة الظلِّية أو الوهمية لا يعود إلى عصرنا هذا أو إلى عصر ديموقريطس، بل إلى ما قبل ذلك. والحق أننا لا ندرك هذه الحقيقة إذا اعتقدنا بأننا كنَّا نتعامل مع العالم بذاته.

لم تكن الفيزياء تتعامل مع "العالم بذاته" لأن علماء الفيزياء شغلوا أنفسهم بالنمط الثنوي للمعرفة، وبالتالي، انهمكوا في التصورات أو التمثيلات الرمزية لذلك العلم. والحق أن هذه المعرفة الثنوية تُعَد، في آنٍ واحد، المنطقة المشرقة والمنطقة المظلمة للعلم والفلسفة، وهذا لأنها تتيح المجال لابتداع صورة تحليلية مصقولة عن العالم بذاته؛ ومع ذلك، تظل الصورة أو الصور "صورًا" مهما بلغت من الضياء. فهي من الحقيقة بمثابة صورة القمر من القمر.

وبالفعل، استطاع كورزبسكي، الرائد الأول لعلم الدلالات، أن يفسِّر في وضوح هذه التبصر بوصف ما دعاه بـالعلاقة بين الخريطة والإقليم. فـ"الإقليم"، في رأيه، يمثل السيرورة الكلِّية في حقيقتها وواقعيتها؛ أما "الخريطة" فهي كل رصد أو تدوين رمزي يجسد معْلَمًا معينًا من معالم هذا الإقليم أو يدل عليه. ويهمنا هنا أن نعلم أن الخريطة ليست الإقليم، وأن الكلمات ليست هي الأشياء التي تشير إليها. ويخلص كورزبسكي إلى القول: "ليس الشيء ما نقوله عنه." لذا تُعَد كلماتنا، أفكارنا، تصوراتنا، نظرياتنا، ولغتنا اليومية، خرائط للعالم الواقعي، أي "الإقليم". وهكذا يتبيَّن لنا أن أفكارنا العلمية والفلسفية عن الحقيقة ليست هي الحقيقة ذاتها.

لا يشير ما نقوله إلى أن الخرائط الرمزية مضلِّلة أو مضرَّة، بل هي خرائط مفيدة للمجتمع المتحضر الذي لا يستطيع الاستغناء عنها. والحق أن المشكلة تنشأ، كما لمَّح شرودنغر، حالما ننسى أن الخريطة ليست الإقليم، وحالما تلتبس علينا رموزُنا إلى الحقيقة بالحقيقة ذاتها. فالحقيقة ذاتها تقع إلى "ما بعد" أو "وراء" الرموز الظلِّية التي هي نسخة ثانوية عن الأصل. ومتى تجاهَل الإنسان هذا الأمر، تاه في عالم المجردات الجدباء، ولم يعد يفكر إلا في متواليات تداعي الرموز التي تنتهي إلى اللاشيء، دون أن تكون الحقيقة مشمولة على الإطلاق. وفي هذا المجال، يتكلم الفيزيائي جيمس جينز، فيقول:

تبيِّن الفيزياء الحديثة أن جميع مناهج الفيزياء السابقة، بدءًا من الميكانيكا النيوتُنية إلى النظرية الكوانتية القديمة، أخطأت إذ ماهت بين المظاهر والحقيقة. فقد ركَّزت انتباهها على جدران الكهف دون أن تعي وجود حقيقة أعمق تقع إلى ما بعد.

يمكن لنا أن نقول إن تفهم "الحقيقة الأعمق الواقعة إلى ما بعد" يعني أن نكتشف واقعية الإقليم الذي نرسم له جميع خرائطنا. وفي هذا التفهم والاكتشاف تكمن الصعوبة، وذلك لأن المعضلة لا تكمن في وضع خريطة أكثر تفصيلاً، أكثر "علمية"، أكثر موثوقية وأدق، بل في اكتشاف طريقة تساعدنا على فهم الإقليم وتستغني – وإنْ مؤقتًا – عن الخرائط من أيِّ نوع كانت. أما إذا كانت المعرفة الجديرة بالاحترام هي المعرفة الأكاديمية، التي هي المعرفة الرمزية للخرائط، فإننا لن نمتلك، على المدى القصير، سوى الخرائط الموضوعة عن الخرائط، بحيث إننا نكون قد نسينا الإقليم الذي كان الموضوع الأساس للبحث والتقصِّي. وهكذا لا تُعَد المعرفة الثنوية–الرمزية وافية بالغرض في هذا الصدد، وهذا لأن ما نسعى إليه يتمثل في معرفة لارمزية، لاثنوية، معرفة عبَّر عنها إدِّنغتون بأنها "معرفة حميمة للحقيقة التي تقع إلى ما بعد رموز العلم".

يجدر بنا أن نتأمل ببصيرة نافذة في عمل كلٍّ من هايزنبرغ وشرودنغر وأينشتاين لنعلم أن نسيج الحقيقة نسيج لا ينفصل فيه المراقِب عن الحادثة، ولا الفكر عن الموضوع، ولا العارف عن المعروف. وفي سبيل فهم هذه الصلة الوثيقة، نلجأ إلى نمط معرفة مشابه، نمط معرفة لا تنفصل طبيعته عما يعرفه: ذلكم هو النمط اللاثنوي للمعرفة الذي خطر ببال شرودنغر إذ أعلن:

قُدِّم العالم لنا دفعةً واحدة. لم يُعكَس شيء. لذا يتماثل الأصل مع الصورة–المرآة.

بذا يتوافر لدينا نمطان أساسيان للمعرفة: أحدهما سُمِّي بالمعرفة الرمزية، التصويرية، الاستدلالية أو الثنوية، وثانيهما سُمِّي بالمعرفة الودية أو المباشرة أو اللاثنوية. ونحن ندرك أن العلم استهل انطلاقته حصرًا بالخريطة الرمزية والثنوية للمعرفة، فوجَّه اهتمامه إلى "الظلال". لكن الحواصل الناتجة من التطورات الحديثة للعلوم الفيزيائية أكدت أن هذا النمط من المعرفة لا يستوفي شروط "معرفة الحقيقة" الحقيقة التي كان قد وعد بها –؛ الأمر الذي حوَّل أنظار العديد من الفيزيائيين إلى النمط الحميم (الودي) للمعرفة أو إلى تصور ضرورة وجود هذا النوع من المعرفة.

* * *

يجدر بنا، وقد بلغنا هذا الحدَّ من البحث على مستوى العلوم الفيزيائية، أن ننتقل إلى مستوى آخر يعترف بعالمية هذين النمطين، منذ العصور القديمة حتى يومنا هذا. وعلى هذا الأساس، يمكن لنا أن نستقي أمثلة عديدة من المدارس المتنوعة ومن الميراث الفلسفي وعلم النفس واللاهوت.

ثمة طريق للتحرر والانعتاق يُدعى الطاوية، يعترف بهذين الشكلين العامين للمعرفة ويسمِّيهما بالمعرفة الاصطلاحية والمعرفة الطبيعية: معرفة الكون كما تسمَّى اصطلاحًا، ويعرَّف بها على أنها معارِضة لمعرفة الطاو ("الطريق")، أي الكون في حقيقته وواقعيته. وتنضوي كل معرفة في المعرفة التي يدعوها الطاوي "اصطلاحية"، وهذا لأننا لا نشعر بأننا نعرف أيَّ شيء ما لم نتمثَّله بكلمات أو بمنظومة أخرى من الرموز الاصطلاحية، مثل مجموعة الرموز الرياضية والموسيقية. وإن معرفة كهذه تُدعى "اصطلاحية" لأنها قضية اتفاق إجماعي من حيث إنها قواعد المعلومات المبلَّغة ووسائل الاتصال. لكننا نجد في الطاوية نمطًا آخر يدعى المعرفة اللااصطلاحية التي تهدف إلى فهم الحياة فهمًا مباشرًا، بحيث نستغني عن المصطلحات المجردة والخطِّية للتفكير التمثيلي.

وفي الهندوسية، يتميز هذان النمطان للمعرفة أحدهما عن الآخر تمايزًا واضحًا. ففي أوپنشاد مونداكا نقرأ: "هنالك نمطان للمعرفة يتطلَّبان التحقيق: نمط أعلى ونمط أدنى." والحق أن النمط الأدنى يتماثل مع ما ندعوه بالمعرفة الرمزيةالتصويرية: هي معرفة استدلالية، مفاهيمية، نسبية، تقوم على التمييز بين العارف والمعروف. أما النمط الأعلى فلا يمكن لنا بلوغُه من خلال حركة تصاعدية تعبر مراتب المعرفة الدنيا، بل على نحو غير مباشر وكشفي. ويتوافق نمط المعرفة هذا مع نمط المعرفة اللاثنوية، وذلك لأن هذه المعرفة رؤيا كشفية للاَّثنوية، استثنائية وذاتية التوكيد.

وفي الحكمة البوذية، نجد التمييز بين النمط الرمزي للمعرفة وبين النمط اللاثنوي للمعرفة: النمط الأول يجزِّئ والنمط الثاني يوحِّد. ونقرأ في حكمة بوذية مهاينا ما يلي:

يتماثل ما يُرى مع ما يراه الرائي، وهذا لأن الرائي هو المرئي والمرئي هو الرائي.

ومن الفلسفة الغربية نقتبس من كتابات نيكولاي برديائيف العبارة التالية:

لا نستطيع أن نستغني عن الرمزية في اللغة والفكر، لكننا نستطيع الاستغناء عنها في الوعي البدئي المباشر. ففي وصف الخبرة الروحية والصوفية يستعمل الصوفية رموزًا مكانية، مثل العلو والعمق، رموزًا تمت بصلة إلى هذا العالم أو إلى عالم آخر [النمط الأول للمعرفة]؛ وفي الخبرة الروحية الحق تختفي هذه الرموز، وهذا لأن الفعل الإبداعي البدئي حقيقي ولارمزي [النمط الثاني للمعرفة]: إنه منعتق من الإتقان الفكري أو التصوري.

وبالرجوع إلى مقالات المعلِّم إيكْهَرت، نجد أنه يطلق على المعرفة الرمزية، "الخرائطية" والتصويرية – وهو النمط الأول –، تسمية "المعرفة الشفقية التي، من خلالها، ندرك الخليقة بأفكار مميزة واضحة"، وأنه يطلق على النمط الثاني – وهو المعرفة اللاثنوية – تسمية "المعرفة الفجرية"، وفي هذه المعرفة تُدرَك الخلائق دون تمييز فيما بينها، وتُستبعَد الأفكار، وتزول المقارنات في الحقيقة الواحدة الشاملة.

وبالطريقة ذاتها، يؤكد وايتهد، العالم الرياضي والفيلسوف، أن الصفتين الأساسيتين للشكل الرمزي للمعرفة هما: التجريد والتشعب (التفرع)، أي الثنوية. وفي رأي وايتهد، تُعَد عملية التجريد المستعمَلة في المحادثة اليومية "زائفة"، وذلك لأنها تعتمد على المعالم البارزة وتتجاهل كلَّ ما عداها. وهكذا يُعدَ "التجريد إسقاطًا لجزء من الحقيقة". وفي رأيه أن النمط الرمزي للمعرفة يعبِّر عن ذاته عن طريق التشعب: الثنوية، أي "تقسيم رداء الكون الخالي من أية خياطة"، الأمر الذي يجعلنا نسيء إلى الكون الذي نسعى في فهمه.

أخيرًا، نقتطف من وليم جيمس العبارة التالية:

ثمة طريقتان لمعرفة الأشياء: معرفتها معرفةً مباشرةً أو حدْسية، ومعرفتها معرفةً تمثيليةً أو تصورية. وفي المعرفة المباشرة أو الحدسية يتماثل الفكر والموضوع.

*** *** ***

تنضيد: نبيل سلامة

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود