العَلمَنة والتطرف الدِّيني
"نخطئ عندما ندَّعي أنَّنا نملك الحقيقة دون سوانا"

 

غريغوار حدَّاد

 

حاضر المطران غريغوار حداد عن "العلمنة والتطرف الديني"، في إطار معرض الكتاب السنوي الثاني والثلاثين في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، وقدَّم له الدكتور نواف كبارة. وقد استهل المطران حداد محاضرته بقوله:

إن التكفير هو الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الإنسان، لأن كلَّ واحد منَّا يعتقد أنه يمتلك الحقيقة وأن الباقين كلَّهم هم خارجها.

وأضاف:

إننا نخرج من حال التكفير عندما نقبل بأن نكون مؤمنين بالإله الواحد، ونلتقي، نحن المؤمنين المسيحيين والمسلمين، على جوامع مشتركة هي الإنسان، لأن الإيمان الإسلامي أو المسيحي يتطلَّع إلى الإنسان، كلِّ إنسان، وإلى حاجاته. وهذا هو الموضوع المشترك بينهما.

واعتبر أن

[...] لبنان مريض بأمراض متعددة، أحدها، وأخطرها، الطائفية التي نشكو منها. وإذا اعتقدنا أن لكلِّ واحد الحقَّ في الإيمان بطريقة خاصة به، وفي أن يكون التعبير عن هذا الإيمان بطريقة نسبية وليست مطلقة، أي أن يقبل بأن يكون للآخر تعبيرُه، وأن يلتقي معه في الله الواحد، وفي خدمة الإنسان، كلِّ إنسان – إذا اتفقنا على ذلك، يمكن لنا أن نصل إلى العَلمنة الشاملة المتكاملة التي نبشِّر بها والتي ليست مستورَدة من الغرب.

وقال حداد معرفًا:

إنَّ عَلمانيتنا الشاملة هي أن تكون هناك استقلالية تامة بين مكوِّنات الدين وقيمه، من جهة، وبين مكوِّنات العالم وقيمه، من جهة ثانية.

وميِّز المطران كذلك بين الإيمان والدين، من جهة، وبين الطائفة والطائفية، من جهة ثانية:
هناك فارق كبير ما بين الإيمان والدين والطائفة والطائفية، ونحن نخلط بينها، مع العلم أنها متمايزة تمامًا.
فالإيمان هو التسليم لله الواحد. والدين هو تعبير عن الإيمان في المجتمع، وقد يكون مختلفًا ما بين دين وآخر. والطائفة هي تجسيد للدين بطريقة مختلفة بين بلد وآخر: ففي أميركا هناك المئات من الطوائف، ولكنها لا تتدخل في السياسة. ونحن في لبنان تتدخل طوائفُنا في السياسة؛ إذًا نحن بلد طائفي. فالإيمان شيء، والدين شيء، والطائفة شيء آخر.
أما الطائفية فهي المزج بين الدين والسياسة، وهي شيء آخر أيضًا. وعندما يعتبر كلٌّ منَّا أن الإيمان، وليس الدين، هو القيمة المطلقة ويقبل بأديان الآخرين، فمعنى ذلك أننا تطوَّرنا في مسيرة هذا البلد الذي يمكن له أن يصبح يومًا ما مثالاً للتعايش، ليس بين المسلمين والمسيحيين، وإنما بين مؤمنين وغير مؤمنين، حتى نكون كلنا في خدمة المجتمع.
وعندما تكون عندنا قوانين تخدم جميع الناس في لبنان، من دون تمايُز، نكون قد وصلنا إلى مرحلة كبيرة من التقدم وإلى نوع من العَلمانية الشاملة في مجتمعنا، ولا تبقى هناك "أقلية" أو "أكثرية"، ولا "ديموقراطية توافقية" يبشِّروننا بها، لأنها تعني أنه يظل عندنا جزء من الناس "أكثر" من غيرهم. وكذلك ما يُسمَّى "توازُنات". ونعرف كم هو حجم المشكلات بسبب هذه التسميات والطروح.

وختم بقوله:

إنَّ مؤتمر الحوار الذي يدور عندنا سيظل يدور لأن فيه نوعًا من الخلفيات الطائفية بين جميع المتحاورين. وعندما نخرج من هذه الإشكالية فإننا سنصل إلى مرحلة العَلمنة التي تعتمد الصيغة اللبنانية الصادرة عن المجتمع اللبناني في الحيادية الإيجابية بين الأديان.

*** *** ***

عن النهار، الاثنين 8 أيار 2006

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود