تطبيقات هندسة الجينات

والأغذية المعدَّلة وراثياً

 

أمين شمس الدين

 

مقدمة

ها نحن، إذ ندخل القرن الحادي والعشرين، نرى بأن التموين الغذائي العالمي يخضع لتحولات سريعة ومتتالية. وللمرة الأولى عبر ملايين السنين، أصبح الإنسان والحيوان يتناولان أطعمة وأغذية غير طبيعية؛ أغذية لم تكن طوال تلك السنين تدخل في التموين الغذائي للبشرية. لقد قام الإنسان في الفترة الأخيرة بتغيير التركيب الأساسي للكائنات الحية، وخصوصاً تلك التي تُستخدَم كغذاء بشري وحيواني. وبتعبير علمي، قام الإنسان بتغيير التركيب الجيني للنباتات والأغذية المختلفة عن طريق استخدام تقنيات الهندسة الوراثية genetic engineering. كما أنه توجد محاولات لتعديل الجينات البشرية ونقل أعضاء معدَّلة أو محوَّرة جينياً ما بين الإنسان والحيوان – وهي تغييرات التي لم تشهد الطبيعة لها مثيلاً منذ نشأتها وتطورها.

إن الأغذية المهندَسة وراثياً Genetically Engineered Foods انطلقت بشكل غير منظور لتحل محل الأغذية الطبيعية في الأسواق وفي عالم التجارة. واليوم، قد تضم معظم الأغذية المكدَّسة على رفوف المتاجر وفي المطاعم، وحتى في محلات بيع الأغذية الطبيعية أطعمة وأغذية محوَّرة وراثياً.

ومن الجدير بالذكر أن الأغذية الحديثة (المعدَّلة وراثياً) لم تخضع بعد لدراسات وتجارب تبين أثرها على صحة الإنسان وعلى البيئة على المدى البعيد!! – حيث توجد وجهات نظر عديدة حول الموضوع وتُعقَد المؤتمرات العالمية لبحث مختلف نواحيه، آخرها المؤتمر العالمي الذي عُقِد في سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية في تشرين الأول 1999 والذي لم يخرج الباحثون منه بأية نتائج ملموسة أو توصيات محددة لوقف أو استمرار العمل في هذا المجال.

ومن جهة أخرى، لا يعلم المواطن المستهلك شيئاً عن ماهية هذه الأغذية ومن يقوم بإنتاجها وهل لها تأثير على صحة الإنسان وعلى البيئة بشكل عام؟ وما هو السبيل لتجنب آثارها الضارة؟!

*

ما هي الجينات وما هي وظيفتها؟!

الجينات (أو الموَرِّثات، كما يسميها بعضهم) هي أجزاء دقيقة جداً في خلايا الكائن الحي مسؤولة عن الخواص المميِّزة لكل كائن حيّ على حدة. والجينات هي المكان الذي يتم فيه خزن جميع المعلومات عن كل عملية كيميائية-حيوية تجري داخل الكائن الحي. وموقعها على الحمض النوويDNA الذي يشكل سلسلة مكونة من أعداد لا تحصى من الجينات التي تحمل الصفات الوراثية للكائنات الحية. الـ DNA إذن هو الطبعة الأصلية blueprint أو البصمة الوراثية، وهو أساس بناء جميع الكائنات الحية. والجينات مهمة أيضا من حيث موقعها في سلسلة DNA، سواء بالنسبة لموقعها في الكروموسومات، أو بالنسبة لمكانها في الخلية أو في جسم الكائن أو في المحيط الفسيولوجي لها أو النشوئي بشكل عام.

إن المادة الوراثية الكلية (الجينوم Genome) للإنسان تحتوي على أكثر من مئة ألف جين (مورِّث gene)، ربما تشكل نحو 5 % من حوالى 3,5 بليون زوج من القواعد النتروجينية المكونة لسلسلةDNA في الجينوم البشري الفردي. ومعظم هذه السلسلة غير مترجمة وتقع ما بين الجينات نفسها وسميت "المباعِدة" spacer، أي التي تترك مواقع فارغة، وتسمى أيضاً "حشوة" الـDNA أو الرَّمَم Junk DNA. وهذه المواقع الفارغة يمكن استخدامها في شكل ما جديد (Mark V. Bloom, Ph.).

إن الأجزاء الكبرى (غير المترجمة) من سلسلة DNA، وربما 99 % منها في بعض الجينومات، تظهر وكأن ليس لها أي عمل محدد، أو أنها لا تحقق أية غاية وليس لها أي هدف سوى مضاعفة وتكرار نفسها على مدى بقية الجينوم. لذا فهي تسمى أيضا أجزاء سلسلة DNA الأنانية (Mae-Wan Ho, Prof.) (53، 54) (2).

كيف يتم تعديل الأغذية؟

لقد توصل العلماء إلى أساليب يستطيعون بواسطتها التصرف بالجينات من حيث فصلها وتركيبها وإعادة بناء سلسلة DNA كما يشاؤون> يصبح عندها الكائن الحي الذي تم تغيير سلسلته الوراثية كائناً معدَّلاً وراثياً genetically modified (GM)، أو بعبارة أخرى، كائناً مغيَّراً وراثياً Genetically Altered (GA). وبطرق معينة وفي ظروف المختبرات، يتم قطع الجين الذي تم اختياره من أحد الكائنات (وهذا الجين يحمل صفة معينة يراد نقلها إلى كائن حي آخر) وغرسه في سلسلة DNA لكائن حي آخر (ليست لديه تلك الصفة). وهناك عدة طرق مستخدمة حتى هذا الوقت لهذه الغاية (Glausisuz, 1996) (18، 19) نذكر منها:

أولاً. استخدام أنواع معينة من الفيروسات تسمى Retroviruses، وهي عبارة عن فيروسات تعمل على تحويل الحمض النوويRNA إلى الحمض النووي DNA بواسطة إنزيمReverse Transcriptase، وباستخدام كائنات أخرى تسمى Retrotransposons.

ثانياً. إطلاق الجينات بواسطة مسدس خاص يحتوي على غاز الهليوم غير المشتعل عن طريق رصاصة من الذهب تحمل الجين المطلوب نقله، وتسمى هذه الطريقة بـ الباليستية balistics وتستخدم بشكل خاص على القمح والأرز.

ثالثاً. استخدام الليبوسومات Liposomes، وهي عبارة عن جسيمات دهنية مفرغة.

رابعاًَ. استخدام بكتيريا من التربة تسمى Agrobacterium tumefactions.

خامساً. استخدام خلايا نباتية تسمى البروتوبلاست Protoplasts.

وهذه الطرق والأساليب قائمة على تطوير أو تغيير النبات بمعاملة خلية واحدة فقط أو نسيج نباتي وزراعته لإنتاج النبتة المطلوبة. وهكذا يتم تغيير أو تبديل نوعية النباتات والمحاصيل الزراعية المختلفة التي تشكل أساس الغذاء والطعام للإنسان والحيوان.

ماذا حققت الهندسة الوراثية وعملية نقل الجينات؟

لقد أسهم العلم الحديث في تقديم فوائد ومنافع جمَّة للمجتمع. فالتكنولوجيا الجديدة، كالصناعة الحيوية Biotech industry، وخصوصاً الهندسة الوراثية، لها أبعاد إيجابية عديدة. فعلى سبيل المثال، يستخدَم الحمض النوويDNA حالياً على نطاق واسع في مجالات عدة، منها الطب والقضايا الجنائية، كتحليل الدم وسوائل الجسم، والإسهام بشكل فعال في تحرير وإطلاق سراح أعداد لا حصر لها من أفراد كانوا متَّهمين بجرائم لم يرتكبوها. وبشكل مماثل أيضاً، تأخذ الهندسة الوراثية مجراها في حل مشاكل تخص الأبوَّة والأنساب في المحاكم، وذلك على أسس الفحص الجيني. بالإضافة إلى فوائدها في الإناسة Anthropology وعلم الآثار Archeology وفي مجال التعدين في استخراج الذهب والنحاس وغيرهما من المعادن، وذلك بتطوير واستخدام كائنات محوَّرة وراثياً. وأيضاً في مجال تنقية قنوات تصريف الزيوت والمياه لإبطال تأثير الملوِّثات الخطرة. كما يتم استخدام بعض الكائنات المعدَّلة وراثياً في امتصاص الإشعاعات المختلفة. كما تم تطوير بكتيريا معدَّلة وراثياً من أجل استخدامها لتحويل النفايات والفضلات بهدف إنتاج الوقود وحقول اقتصادية أخرى.

وماذا عن النباتات المعدَّلة وراثياً وعن الأغذية المنتَجَة منها؟

في عام 1992 أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيةUS FDA أن التشريعات الخاصة بالأغذية المهندَسة وراثياً سوف لا تختلف عن التشريعات الموضوعة للأغذية التقليدية. لقد أحدثت صناعة الأغذية الحيوية Biofoods industry تحولات في الزراعة الأمريكية، بحيث لم تعد تخضع في الواقع لأية أنظمة أو قوانين أو لأي إشراف أو مراقبة، ولا حتى لأي اهتمام بالرأي العام وبالأضرار التي تحيط بكل ذلك.

ولما تبصَّرت الجهات المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، كالمؤسسات العلمية والبيئية والدينية وإدارات الصحة العامة، وأخذت تزِن الأمور المتعلقة بهذا الأمر، بدعم من المزارعين المتضررين والذين يزرعون على أسس طبيعية، ومن مستهلكي الأغذية الطبيعية، أصبحت الصناعة الحيوية نوعاً ما تتراجع وتنسحب (1). وفي خضمّ هذه التغيرات والمؤثرات المتتالية، الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية، غدت عملية الإشارة إلى بعض المواد الغذائية أمراً لا بد منه لبيان نوعيتها من حيث إنها معدَّلة وراثياً أم غير معدَّلة!

وقد بدأ الاهتمام في الآونة الأخيرة بالموضوع وقامت مجلات وصحف رئيسية معروفة[1] بتغطيته من جوانب عديدة أيضاً، وخصوصاً من الجوانب ذات العلاقة بالحرب التجارية، التي لاحت في الأفق ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في هذه القضية.

إن معظم دول العالم، وبشكل خاص الدول الأوروبية، بدأت بمراقبة التكنولوجيا الجديدة في محاولات للحد من النشاطات غير المرغوب فيها. نذكر بهذا الخصوص مرض جنون البقر الوبائي الذي بسببه دعت جمعية الطب البريطانية إلى موراتوريوم – اتخاذ قرار رسمي بتعليق نشاطات إنتاج محاصيل وتطوير أغذية معدَّلة وراثياً وبشكل تجاري لحين إجراء دراسات وأبحاث وافية ومكثفة عليها وعلى أثرها على الصحة والبيئة.

ولقد دعا نادي سييرا Sierra Club ومنظمة الاتحاد الوطني للأحياء البرية National Wildlife Federation واتحاد المستهلكين Consumers Union ومؤسسات أخرى ذات اهتمام بالموضوع إلى وقف مثل هذه الأعمال. إضافة إلى أن العلماء يحذرون من زيادة العواقب المتعلقة بأمراض مختلفة، كأمراض الحساسية وأمراض نقص المناعة والسرطان وغيرها من الأمراض والعلل التي قد يسببها تناول أغذية معدَّلة وراثياً.

إن الأمر لدى حكومات بعض الدول لا يستدعي وضع ملصقات أو علامات تدل المواطنين على ماذا يبتاعون من المتاجر وماذا يأكلون في بيوتهم أو في المطاعم أو ماذا يزرعون في مزارعهم وفي حدائقهم المنزلية!

ما هي الدول التي تتعامل مع الأغذية المغيّرة وراثياً؟

إن الولايات المتحدة الأمريكية هي على رأس قائمة الدول الأكثر تطوراً في العلوم الحياتية وبالتحديد في الهندسة الوراثية، ومن أوائل الدول المنتِجة والمصنعة لهذا النوع من الأغذية.

لقد صارت أعداد لا تحصى من المنتجات الغذائية المغيَّرة وراثياً مستَخدَمة في مختلف أرجاء العالم. وفيما يلي جدول يبين الدول التي تُستَخدم فيها المحاصيل التي خضعت لتعديل جيني وأعداد هذه المحاصيل:

عدد المحاصيل المحوَّرة وراثياً

الدولة

50

الولايات المتحدة الأمريكية

30

كندا

22 صنفاً من 6 محاصيل

اليابان

9

الاتحاد الأوروبي

3

الأرجنتين

3

المكسيك

2 (القطن والقرنفل)

أوستراليا

1

البرازيل

1

جنوب أفريقيا

1 (القطن)

الصين

تشير التقديرات بأن حوالى 360 مليون دونم من أراضي الولايات المتحدة الأمريكية مزروعة بمحاصيل مغيَّرة وراثياً. وهذا يشمل حوالى 55 % من فول الصويا و40 % من القطن و35 % من الذرة و 5 % من البطاطا.

وهناك شركات عديدة ومؤسسات مختلفة تتعامل مع الهندسة الوراثية، منها ما تنطبق على نتائج أعمال شركات منتِجة، ومنها شركات مميَّزة تقوم بإنتاج نباتات أو أغذية معدَّلة وراثياً بالتعامل المباشر معها؛ ومن أكبرها شركة مونسانتو Monsanto Company الأمريكية المشهورة بإنتاج وبيع المواد الكيميائية والهرمونات المختلفة. وفيما يلي أسماء للشركات والمؤسسات التي تتعامل بأشكال مختلفة مع هندسة الجينات : -

الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع الهندسة الوراثية وتتطبق نتائجها

نورد فيما يلي أسماء الشركات العالمية التي تتعامل مع الهندسة الوراثية (6):

Agritope Ecogen, Plant Genetic Systems, Asgrow, Hoechst / AgrEvo Research Seeds, Calgene, Monsanto, Rhone Merieux, Ciba-Geigy, Mycogen, Rhone Poulenc, DeKalb, Northrub King, Sandoz, DNA Plant Tech, Novartis, Zeneca, Dupont, Petro Seed,    Cornell Univ., Hawaii Univ.

الشركات المختارة التي تستخدم الأغذية المهندَسة وراثيا ونوع هذه الأغذية

فيما يلي أسماء لبعض الشركات وماذا تنتج من أغذية معدَّلة وراثيا:[2]

Company

Food stuff

Crisco

shortenings

Frito, Dorito, Tostito

corn chips

Green Giant

harvest burger

Isomil and Pro Sobee    

soy formula

Kellogg’s

corn flakes

Kraft

salad dressings

McDonald’s

french-fries

Nabisco

sundry

Nestle

chocolate

Old El Paso

taco shells

Ovaltine

malt beverage

Parkey 

margarine

Pillsbury

sundry 

Procter & Gamble

sundry 

Quaker Mills

sundry

Wesson

vegetable oils

وهكذا نرى بأن 50-60 % من الأغذية المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية تدخل فيها أغذية معدَّلة وراثياً أو أغذية مضافة إليها أجزاء مكوِّناتingredients من نباتات مغيَّرة وراثياً، وخصوصاً من المشتقات الثانوية لمحصولَي الصويا والذرة. وهذه تشمل سمن المارجارين والمايونيز ومرق توابل السلطات الذي يضاف إلى الأطعمة، والزبد (الدهن) والخبز والسلع المحمَّصة التي غالباً ما يتم تصديرها إلى الدول الأخرى.

لماذا يهمنا نحن هذا الأمر؟

إن الأمر يهمنا نحن أيضاً في البلاد العربية كغيرنا من الشعوب والبلاد الأخرى من الدول النامية، والمعتمدة اعتماداً كبيراً (وأحياناً كلياً) في غذائها على الدول المتطورة تقنياً، حيث تعتبر الدول النامية أسواقاً استهلاكية مربحة وحقول تجارب لترويج تقنيات الدول المتطورة، ولاسيما فيما يخص بذور المحاصيل والأطعمة المتنوعة. إن من يزور المتاجر، وخصوصاً الضخمة منها، يشاهد، أكثر ما يشاهد، المنتجات الأجنبية المستوردة من أغذية وأطعمة من أصل نباتي أو حيواني ومشروبات وملابس، يندر ما يكون منها منتج محلي أو بلدي. وحتى المواد الخام التي تعلِّب مصانعنا بها الأغذية المختلفة مادة مستوردة! وهذا يشمل محاصيل الحبوب والأعلاف المنتشرة في جميع أنحاء بلادنا التي معظمها مستورد ومجهول الهوية والنوعية.

إن تطبيقات الهندسة الوراثية في الإنتاج الغذائي وفي الزراعة ككل، وخاصة فيما يتعلق بنقل الجينات ما بين الأنواع المختلفة، محفوفة بالمخاطر. وفي ظروف بلادنا قد لا يلجأ بعض المتعلِّمين والمتخصصين إلى معارضة العلم وإنجازاته، أياً كانت، بشكل مباشر، خشية أن يؤثر ذلك على وضعهم العلمي والعملي والشخصي أحياناً، ولكي لا يقال عنهم إنهم يقفون ضد التطور التكنولوجي الهائل؛ ناهيك عن قلة اطلاع بعضهم على الموضوع وما يستجد حوله من أمور بشكلها الشامل.

إن المخاطر تكمن في عدم وجود دراسات وأبحاث على المدى الطويل في موضوع التقنية الحيوية، ولاسيما في مجال التأثير على الجينات لأنواع الكائنات الحية المتباينة – بالتعديل أو بالتحوير أو التغيير أو بالنقل. إذ لا سبيل في الوقت الحاضر إلى قياس تأثيرها على صحة الفرد وصحة المجتمع أو على صحة العالَم والبيئة ككل.

ومن جهة أخرى، تبين لنا الدراسات قصيرة المدىshort-term studies وجود نتائج خطيرة محتملة على الإنسان والحيوان والنبات. وخلافا للسلع الاستهلاكية الأخرى كالسيارات والأدوات الكهربائية وحتى العقاقير والأدوية فالمحاصيل الزراعية المهندسة وراثيا لا يمكن تصحيحها أو صيانتها أو إعادتها إلى ما كانت عليه عند اكتشاف أضرارها ومساوئها (1)، بل ستبقى على حالتها المعدَّلة تنمو وتتكاثر وتجري عليها الطفرات ناشرة جينات غريبة وفيروسات وسموم إلى مالا نهاية سيكون من الصعب جداً إلغاؤها إن لم يكن ذلك متعذرا تماماً.

إن الأخطاء الصناعية واللامسؤولة في منتجات الأغذية المحوَّرة وراثياً تشكل أيضا مشاكل كبيرة. فعلى سبيل المثال، تم تعديل محتوى الأغذية من مادة التريبتوفان tryptophan-1 (وهو عبارة عن حمض أميني أشير إليه بأنه مسكن طبيعي وعقار منوِّم) عن طريق هندسة الجينات، الأمر الذي تسبب في موت 30 شخصاً ممَّن تناولوا أغذية عُدِّلت فيها جينات هذه المادة، وإلى إصابة 1500 شخص بعجز دائم من جراء تلف أجهزتهم العصبية وإصابتهم بمرضeosinophilia mylagia syndrome  أو EMS.

ما هي مجالات دراسات وتطبيقات الهندسة الوراثية؟

للهندسة الوراثية تطبيقات واستخدامات كثيرة في النبات والحيوان والإنسان. إلا أن ما يطبق الآن بشكل تجاري واسع هو في المجال الزراعي بمختلف فروعه (Jeremy Rifkin, 1998) (2، 16).

1. في مجال الإنتاج النباتي:

-       تمت هندسة أنواع من المحاصيل الزراعية وراثياً لكي تصير مقاومة لمبيدات الأعشاب ومبيدات الحشرات والأمراض الفيروسية؛ وفي اتجاهات أخرى، كإنتاج نباتات ذات تركيبة فسيولوجية خاصة وغير ذلك تستطيع بواسطتها أخذ عنصر النتروجين من التربة بشكل مباشر.

-       تجري دراسات لإنتاج محاصيل زراعية في المختبرات مباشرة باستخدام بكتيريا معدَّلة وراثياً.

-       يتم إنتاج نباتات للاستفادة منها في تصنيع بعض المواد. فعلى سبيل المثال، صارت بعض النباتات بمثابة مصانع كيميائية بحد ذاتها: فقد أصبح البلاستيك الطبيعي polyhydroxyalkanoates يُنتَج بهذا الأسلوب، أي بأسلوب هندسة النباتات وراثياً لكي تعطي بلاستيكاً ضمن سيقانها والأوراق BIOINFO (2، 10).

-       تتم هندسة حشرات جينياً لتعمل ضد آفات زراعية أخرى تهاجم المحصول وتقضي على هذه الآفات. كما توجد أفكار لمعاملة النباتات عن طريق هندسة الجينات بسموم العقارب لمقاومة الحشرات الضارة على هذه النباتات، وذلك باستخدام فيروسات حشرية معينة ومعدَّلة وراثياً، بحيث تموت الحشرة الضارة (والحشرات الملقحة أيضاً) بمجرد ما تتغذى على المحصول أو تمتص عصارة النبات Joseph Cummins, 1996 (2، 11) وكما نعلم فإن المحاصيل الزراعية تشكل مادة غذائية للإنسان والحيوان.

أ. في الولايات المتحدة:

-       يتم إنتاج صنف بندورة مقاوم للصقيع باستخدام جينات من سمك الفلوندر القطبي (3).

-       يتم إنتاج صنف من فول الصويا مقاوم لمبيدات الأعشاب، وبالتحديد مبيد الراوند-آب Roundup شديد السمية (الذي يستخدم في الأردن أيضاً). واسم الصنف Roundup-Ready Soybean. جاء في مجلة الأغذية الطبية Journal for Medicinal Foods بأن نتائج دراسة مستقلة تدل على أن فول الصويا المحوَّر وراثيا يحتوي على مادة فيتوايستروجين Phytoestrogens بنسبة تقل عن 12-14 % عن المحتوى الطبيعي لها في هذا النبات، علماً بأن هذه المادة ضرورية لأجل الوقاية من مرض السرطان وأمراض القلب (1).

-       تم إنتاج صنف بطاطا مقاوم للحشرات، وخصوصاً حشرة خنفساء كولورادو Colorado potato beatle، وذلك باستخدام جينات من بكتيريا Bacillus thuringiensis أو Bt، واسم الصنف New Leaf (3، 4). وصنف آخر مقاوم للحشرات واسمه Burbank Russet (1). وفي إحدى التجارب المخبرية في اسكوتلاندا وجد الباحثون بأن البطاطا المحوَّرة وراثياً التي أُطعِمت للفئران أحدثت نمواً غير طبيعي فيها وأضراراً في أعضاء رئيسية، من ضمنها الكليتان والطحال والمعدة والغدة الصَّعترية Thymus.

-       تم إنتاج صنف ذرة مقاوم لحشرة ثقّاب الذرة Corn borer باستخدام جينات من بكتيريا Bacillus thuringiensis (4). ومما يجدر ذكره أن هذا النوع من البكتيريا يطلق بروتيناً ساماً يستطيع قتل ثقَّاب الذرة وكائنات أخرى تضرُّ بالمحصول؛ إلا أن حبوب لقاح نبات الذرة المحوَّر وراثياً، الذي صار يحوي هذا السم "بفضل" جين البكتيريا الذي نُقِل إليه، تستطيع أن تنتقل إلى نبات حشيشة اللبنWildweed في الجوار وأن تقضي على يرقات ملكات فراشات Monarch butterflies، التي تقتات عليها. و تُعتبَر هذه الفراشات مهمة في أمريكا نظراً لكونها حشرة وطنية ترمز إلى الجمال والمثابرة والأمل.

-       تم إنتاج صنف من القطن مقاوم لآفة دودة القطنbollworm بغرس جين في سلسلة جينات القطن مأخوذ من بكتيريا القطن Bt cotton (Bollgard) (4).

-       تم إنتاج صنف من القرع المعقوفCrookneck squash يبدي مقاومة للأمراض الفيروسية، باستخدام فيروسات معدَّلة جينياً (8).

ب. في اليابان:

- أنتج العلماء صنفاً من الأرزّ محوَّر جينياً يحتوي على عنصر الحديد المغذِّي بكميات تفوق بثلاث مرات ما هو عليه في الأرزّ العادي. وتم الحصول على الأرز الغني بالحديد من جين (موَرِّث) تم أخذه من نبات فول الصويا ثم غرسه في سلسلة جينات DNA الأرزّ. وهذا الجين مسؤول عن إنتاج بروتين يسمى فيرِّيتينferritin  (1).

ج. في سويسرا وألمانيا:

- يقوم العلماء من هاتين الدولتين بتطوير صنف أرزّ عن طريق الهندسة الوراثية للحصول على فيتامين A ثانوي، وبجينات مرتبطة أو متصلة مأخوذة من نبات النرجس البريdaffodi وجرثومة بكتيرية bacterium (1).

ج. في الصين:

- يقوم العلماء بنقل جينات بروتين بشري إلى نبات البندورة والفلفل الحلو للتحكم في نضج الثمار Arthur Fisher, 1996 (2، 12).

ومن الخضراوات الأخرى المعدلة وراثياً البندورة الكرزية (الشبيهة بثمرة الكرز الأحمر)cherry tomato والكوسة الصفراء والهندباء (الشيكوريا) ذات القمة الحمراء Radicchio والكوسا.

ومن الخضراوات المعدلة وراثياً التي لاتزال قيد التجارب الحقلية: الفلفل، الخيار، البازلاء، البروكولي، الجزر، الزهرة، الخس، البطاطس، الشمندر، الشمام، البطيخ، الملفوف، الهندباء، الباذنجان... وهي ستكون في غضون سنوات قليلة قادمة قيد الاستخدام وفي متناول المواطنين (1، 6).

جدير بنا أن نذكر هنا نتائج بعض الدراسات المنشورة حول مخاطر تناول الأغذية المحوَّرة وراثياً التي تقول بأن بعض المخاطر تكمن في رفع مستوى سُمِّية الأغذية وبعضها في زيادة الكائنات المسبِّبة لبعض الأمراض ومقاومتها للمضادات الحيوية، وبأن عملية تحوير الأغذية (النباتات) لجعلها مقاومة للحشرات لهي خطوة للوراء بالنسبة إلى طرق الانتخاب الطبيعي المنتشرة بين النباتات عبر ملايين السنين. فعلى سبيل المثال، عند هندسة النباتات بهدف جعلها مقاومة للمفترسات (الآفات الزراعية)، غالباً ما يتطلب من جهاز المناعة تكوين (تصنيع) جينات طبيعيةnatural carcinogens  تسبب مرض السرطان.

2. في مجال الإنتاج الحيواني والأسماك:

-       إن الثروة الحيوانية (أبقار، ماعز، دواجن) والأسماك هي في تطوير مستمر عن طريق الاستنساخcloning  أو عن طريق الهندسة الوراثية، على الرغم من عدم ثبات أهمية تناول مشتقات الثروة الحيوانية، من لحوم وألبان وبيض، على صحة الإنسان. علاوة على ذلك، فإن الأعلاف التي تُقدَّم لهذه الحيوانات، سواء من المجترات أو الطيور أو الأسماك، كالذرة وفول الصويا والقطن، هي محوَّرة وراثياً أو تحوي أجزاء مقوِّمة خضعت لتعديل أو تحوير وراثي genetically altered ingredients.

-       تم في الولايات المتحدة الأمريكية إنتاج هرمون يسمى هرمون النمو البقريBovine Growth Hormone  أو BGH عن طريق هندسة الجينات. ويزيد هذا الهرمون إنتاجية حليب الأبقار بنسبة تصل إلى 20 %. وثبت نتيجة الدراسات العلمية بأن هرمون النمو هذا له علاقة بإصابة الإنسان بمرض السرطان، وبرفع نسبة إصابة الأبقار الحلوب بمرض التهاب الضرع mastitis.

-       تستخدم في الوقت الحاضر في صناعة الأغذية إنزيمات (خمائر) معدَّلة وراثياً، منها إنزيم الرّينيت Rennet (وهو عبارة عن مادة مأخوذة من غشاء معدة الحيوانات تستعمل في تجبين اللبن وفي صناعة الجبن بشكل واسع).

-       يتم انضمام الهندسة الوراثية مع عملية الاستنساخ بهدف تطوير وتنمية الحيوانات المجترة من أجل الحصول على لحوم ذات دسم أقل وعلى أسماك تنمو بسرعة وتكون أضخم (2).

3. في مجال الطب والصيدلة:

أصبحت الحيوانات المهندَسة وراثياً بمثابة مصانع حيَّة من أجل إنتاج مستحضرات صيدلانية، ومصادر لأعضاء يتم نقلها أو زرعها في البشر. وفي هذا الصدد يتم إنتاج الحيوانات الجديدة عن طريق "مزج (تهجين) الأنواع" أو نقل الجينات أو ما يسمى بالتلقيح الغريب أو الدخيل، أو بمعنى آخر، الرسم الغريب xenographs. وعملية نقل الأعضاء ما بين الأنواع تسمىxenotransplantation ، بمعنى نقل أعضاء غريبة (2).

كيف يتم ذلك؟!

-       هناك دراسات تجري لتطوير خنازير لها أعضاء تحتوي على جينات بشرية. تستهدف مثل هذه الدراسات تسهيل استخدام هذه الأعضاء في الإنسان عند نقلها إليه. وقد ألغت بريطانيا مثل هذه الأساليب لنقل الأعضاء لأن لها أبعاداً خطيرة جداً London AP, Associated Press, Jan 1997.

-       تجرى تجارب على الإنسان، وخصوصاً على الأطفال الأصحاء، بإعطائهم هرمون نمو مهندَس وراثياً، وببساطة ليس لسبب آخر سوى كونهم قصار الأجسام عن المعدل، ولأن آباءهم يريدونهم أن يكونوا طوال الأجسام (Andrew Kimbrell, 1994). كما تجرى تجارب أخرى لتكبير حجم الثدي عند النساء في ظروف المختبر.

-       قام أحد باحثي علم الوراثة بتقديم مشروع يقترح فيه هندسة بشر دون رأس لاستخدامه ليكون بمثابة قطع غيار للإنسان (Associated Press, 1997)، وهندسة ضفادع دون رأس لنفس الغاية (Prof. Jonathan Slack, 1994) (2، 13).

-       يقوم الباحثون في مجال الطب، عن طريق الهندسة الوراثية، بدراسة أمراض وراثية منقولة عن طريق الحشرات، تهدف إلى تحطيم قوة وفاعلية هذه الأمراض (2).

-       تجرى أبحاث حول هندسة جينات جلد الإنسان وصناعة جلود لغايات التسويق والتجارة. ويسمى الجلد الجديد Apligraf أو الجلد المطعَّم graft-skin، وهو مكون من طبقتين، كما هو في جلد الإنسان، مؤلَّفتين من خلايا قرنية (ليفية) حيَّة Keratinocytes, Fibroblasts (2).

-       تستخدم طريقة الكشف (العرض) الجينيGenetic Screening للاطلاع على بعض الصفات الوراثية وغربلتها.

-       تجرى أبحاث على استخدام طريقة العلاج بالجينات gene therapy في محاولات لتصحيح بعض الصفات الوراثية. وأبحاث أخرى تركز على استخدام الطرق الفنية في صياغة تغييرات جينية مباشرة في أجنَّة البشر human embryos والمداواة بطريقة العلاج الخلوي الجيني Germline therapy، حيث تبقى التغييرات من جيل إلى جيل ثابتة.

-       كثير من الأدوية والعقاقير الطبية، ومن ضمنها الأنسولين insulin، تمت هندستها وراثياً في المختبرات باستخدام بكتيريا معدَّلة وراثياً (14).

4. في مجال الطبيعة

-       تم تطوير كائنات حية عن طريق الهندسة الوراثية لاستخدامها في مجالات التعدين واستخراج الذهب والنحاس وغيرها من المعادن من مكامنها المطمورة.

-       تم تطوير كائنات حية عن طريق هندسة الجينات لتنقية قنوات تصريف الزيوت وقنوات المياه من تأثير الملوِّثات الخطرة.

-       تم تطوير كائنات حية عن طريق هندسة الجينات باستطاعتها امتصاص الإشعاعات.

-       تم تطوير بكتيريا مهندَسة وراثياً لاستخدامها في تحويل الفضلات والنفايات إلى مادة الإيثانول لإنتاج الوقود biofuels.

5. في مجالات أخرى

هناك دراسات في غاية السرية تجري في بلدان عديدة لتطوير بكتيريا وفيروسات عن طريق هندسة الجينات لاستخدامها في الحروب البيولوجية (Richard Preston, 1998) (2).

* * * *

يقول العالم جيمس واطسون James Watson, 1978، وهو مكتشف DNA والحائز على جائزة نوبل : "إذا كان باستطاعتنا صنع إنسان أفضل عن طريق معرفة الجين الصحيح وطريقة نقله، فلماذا لا نقوم بذلك؟ فالمشكلة الأخلاقية الكبرى التي نواجهها هي أننا لا نستخدم معرفتنا وعلومنا." (2) وعن الآثار المرضية المحتملة التي قد تخلِّفها عملية التغيير أو التحوير في سلسلة DNA يضيف واطسون قائلاً: "لستُ على استعداد أن أنفق بنساً واحداً حتى لمعرفة أن مثل هذه الآثار المرضية موجودة أم لا"!! أليس في هذا الكلام شيء من الغرابة؟! يعلق البروفيسور رون إبشتين Prof. Ron Epstein على ذلك قائلاً: "على حد قول واطسون فإنه يجب علينا المضي قدماً حتى نجابه تلك الأضرار (الأمراض) الخطيرة. وبأنه علينا المخاطرة، حتى ولو كانت ستؤدي إلى كارثة كامنة وراء تقنية تعديل سلسلةDNA ؛ أي بما معناه، لن تعرف بأن الغابة خطيرة حتى يهاجمك النمر ويأكلك. فما الخطأ إذن في نظرية واطسون؟ إذا كان واطسون يريد دخول الغابة ويضع نفسه أمام خطر افتراس النمر، فهذا من شأنه. ومن أعطاه الحق ليجرَّنا جميعا معه ويعرضنا لهذا الخطر؟!"

وهكذا أيضاً عندما تنتشر الكائنات المهندَسة وراثياً في البيئة المحيطة، فالذين سيتعرضون للخطر ليسوا فقط أولئك الذين أوجدوا هذه الكائنات، إنما جميعنا كذلك. وهذا يوضح تماماً أنه ليس من الضرورة أن يقوم هذا العالم أو ذاك باتخاذ القرارات الأخلاقية فيما يخصنا بالنيابة عنّا (2).

ومن جهة أخرى، ليس كل العلماء في حقل علم الوراثة فرسان متعجرفون، أو غ]ر واضحين فيما يخص المخاطر، أياً كانت (2). وقد سبق ونشرنا في مقال سابق في صحفنا المحلية والعربية حول الهندسة الوراثية عن آراء كثير من العلماء مخالفة لآراء "العلماء الفرسان" في هذا الموضوع، لا مجال لإعادة ذكرها هنا (أنظر مجلة المهندس الزراعي الأردنية، عدد 66، أيلول 1999، ص 29-33؛ مجلة العربي، عدد 493، كانون أول 1999، ص 141-145).

* * * *

هذا، وبعد أن اطلعنا على شيء من التفصيل على الهندسة الوراثية وموضوع نقل الجينات، ومن يقوم بذلك، وما حققته هذه التقنية من إيجابيات في بعض النواحي ومخاطر صحية وبيئية في نواحٍ أخرى، وما نلاحظه من غموض حول ما سينشب عنها على المدى البعيد، نرى لِزاماً علينا أن نعرِّف المواطن على الأغذية والأطعمة المعدَّلة أو المحوَّرة وراثياً، والمنتجات المختلفة المشتقة من المحاصيل الغذائية بالتحديد، ليكون على الأقل على علم بما يتناوله ويأكله ويطعم منه أبناءه وعائلته وضيوفه. وقد يصعب علينا تجنب هذه الأغذية بشكل كامل في الوقت الحالي إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه فيما يخص الاستمرار في نقل الجينات واللعب بها دون وجود قوانين وتشريعات تنظم العملية بأسرها، بحيث لا تعدو خطرة على الإنسان والبيئة كلها. وعلى أية حال، يفضل الإلمام بالأمر، ولو قليلاً، ومحاولة تفادي تناول هذه الأغذية قدر المستطاع. ونحن في بلادنا في الوقت الحاضر بكل خير، بالمقارنة مع الدول المتطورة التي تعمل ليل نهار في "تطوير" المحاصيل والأغذية بطرق وأساليب لا تُعرَف نتائجها على المدى البعيد – هذا في حال أبقينا بصائرنا نافذة وقمنا بما يترتب علينا القيام به من مراقبة مستورداتنا من الأغذية وتفادينا إدخال أية مواد معدَّلة وراثيا أو أطعمة معامَلة بالهرمونات وبالمواد الصنعية الأخرى، أو على الأقل الإشارة إلى ذلك. ولا تكمن الأخطار، كما يتصور بعضهم، في استخدام المواد الكيميائية والهرمونات والأسمدة في الزراعة فحسب، بل أن الأمر أبعد من ذلك بكثير.

ما هي المحاصيل والأغذية المعدَّلة وراثياً؟

تشمل المحاصيل والأغذية التي خضعت وتخضع لعمليات التعديل أو التحوير الوراثي ما يلي (1):

1. منتجات الذرة والحبوب الأخرى

إن الكثير من الأغذية المصنَّعة والمستوردة والمنتشرة بشكل كبير في المحالّ التجارية الكبيرة Supermarkets، وحتى في محلات بيع الأغذية الطبيعية تتكون من الذرة مثل: شراب الذرة، نشاء الذرة، سكر العنب المستخلص من الذرة، زيت الذرة، دقيق الذرة، وغيرها من مشتقات الذرة التي يحتمل أن تكون معدّلة وراثياً genetically altered.

من منتجات الذرة المعدَّلة وراثياً: حبات الذرة Corn on the Cob، ذرة البُشار Popcorn، كعكة دقيق الذرة Corn Tortillas، برغل الذرة Grits، عصير دقيق الذرة Polenta، شراب الذرة Corn Syrup، سكر الذرة Corn Fructose، نشاء الذرة Corn Strach، سكر عنب الذرةCorn Dextrose، زيت الذرة Corn Oil، دقيق الذرة Corn Flour.

أما الأغذية المصنعة والمنتجات التي تدخل فيها جزيئات مقوِّمة من الذرة المعدَّلة وراثياً Genetically Altered Corn Ingredients، فهي: شيبس الذرة Corn Chips، الكعكات Cookies، الحلوى والعلكة Candies and Gum، الخبز Bread، المخللات Pickles، السمن النباتي Margarine، الكحول Alcohol، الدقيق وأنواع المعكرونة (ذات الإضافات لرفع القيمة الغذائية) Enriched Flours and Pastas، صلصات السلطةSalad Dressings  والفانيلا Vanilla.

ومن الحبوب الأخرى قيد التطوير عن طريق هندسة الجينات: الأرزّ والقمح والشعير، سواء كانت للاستهلاك البشري أو لأعلاف للمجترات.

2. فول الصويا ومشتقاته

إن حوالى 50 % من محصول فول الصويا في الولايات المتحدة معدَّل وراثياً. وقد أظهرت التقارير الصادرة بهذا الخصوص (New York Times) بأن معظم منتجات ومشتقات فول الصويا معدَّلة وراثياً. وتستورد اليابان 86 % من فول الصويا الأمريكي، وتعيد تصديره مصنعاً على شكل أغذية عديدة إلى الولايات المتحدة وغيرها من الدول. وقد تكون معظم هذه الأغذية من فول صويا محوَّرة وراثياً – من يدري؟! (1). ومن جهة أخرى، فإن زيت فول الصويا يشكل 80 % من الزيوت المستخدمة في الولايات المتحدة، إذ يستعمل في صناعة المارغارين (السمن النباتي) والزبدة وصلصات السلطة والمايونيز وغيرها من الأغذية الشائعة، كمادة الليسيثين Lecithin الدهنية وبروتين الصويا ودقيق الصويا إلخ. نجد بعضها في محلاتنا التجارية أيضاً.

ومن منتجات فول الصويا المحوَّر وراثياً: حليب الصويا Soymilk، زيت فول الصويا Soybean Oil، بروتين الصويا Soy Protein، دقيق فول الصويا Soy Flour، جبنة الصويا Tofu، ميسو Miso، تماري Tamari، تِمْبِهْ Tempeh، شويو Shoyu، Genistein، Soy Isolates.

أما المنتجات الثانوية الأخرى لفول الصويا (وتدخل في عدادها جزيئات مقوِّمة من فول صويا معدَّل وراثياً) فهي : بوظة الحليب Dairy Ice Cream، لبن الصويا Soy Yogurt، جبنة الصويا Soy Cheese، بورغر الصويا Soy Burgers، نقانق الصويا Soy Hotdog، لبن رائب مجمَّد Frozen Yogurt، صلصات السلطة والتوابل Sauces and Dressings، الكعكات Cookies، حلوى Candies، شوكولاته Chocolate، الخبز والسلع المخبوزة أو المحمصةBread and Baked Goods، حبوب الفطور Breakfast Cereals، زبد الفول السوداني Peanut Butter، مسحوق البروتين Protein Powder، طعام الأطفال المغذي Formula، شامبو Shampoo، مستحضرات التجميل Cosmetics، وغيرها.

وقد وجد العلماء في بريطانيا بأنه في سنة واحدة زادت نسبة حساسية المصابين بحساسية فول الصويا بحوالي 50 %، ويعود السبب حسب اعتقادهم لزيادة استخدام فول الصويا ومشتقاته المحوَّرة وراثياً (5).

3. الخضروات

إن البطاطا المحورة وراثياً، كالصنف Burbank Russet، تستخدم في صناعة البطاطا المقلية French Fries والبطاطا المهروسة والمشوية وبطاطا الشيبس وغيرها من المنتجات، كالنشاء ودقيق البطاطا، التي نجدها في منتجات غذائية عديدة. وكذلك حساء البطاطا ورب البندورة وعصيرها وصلصتها وLasagna والبيتزا Pizza (فطيرة البندورة والجبن واللحم المفروم) بالإضافة إلى الأطعمة الإيطالية والمكسيكية وغيرها من الأغذية والمنتجات.

4. الحليب ومشتقاته

إن حوالى 30 % من الأبقار في الولايات المتحدة الأمريكية تعطى هرمون النمو البقري BGH المذكور أعلاه والمهندَس وراثياً. ولا أدري إن كان يستخدم في بلادنا أم لا؟! إلا أن كون الحليب يدخل بشكل واسع في السلسلة الغذائية فإنه تترسب فيه وبمستويات عالية جدا بقايا المضادات الحيوية والعقاقير والمبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب وغيرها من المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة. بالإضافة إلى ذلك فإننا نستورد كميات كبيرة من الحليب المجفف وحليب الأطفال من الدول الأوروبية وأمريكا. لذا فإن أخذ الاحتياطات أمر ضروري في هذا المجال.

ومن المواد المحوَّرة وراثياً التي قد تدخل في الحليب ومشتقاته: الحليب، الزبدة، القشدة، الكريما الحمضية الطعم Sour Cream، مصل اللبن Whey، مخيض اللبن Buttermilk، البوظة، اللبن الرائب، جبن الحليب، جبن حليب الصويا المصنوع من الكيموس Chymosis من إنزيم الرّينيت Rennet المحوَّر وراثياً.

أما الأغذية المصنَّعة والمحتوية على جزيئات مقوِّمة من الحليب المهندَس وراثياً فهي: الكريما المخفوقة Whipped Cream، الحلُّوم Cottage Cheese، مخفوق اللبن Milk Shakes، الصلصات، الشوربات، وغيرها.

5. الأغذية الحيوانية والطيور والأسماك

عدا عن كون الحيوانات المجترة تعطى الهرمونات والمضادات الحيوية والعقاقير المختلفة مثل عقاقير السلفا، فإن 90 % من مجمل الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة تذهب لتغذية المواشي. وإن حوالى نصف كمية هذه المحاصيل خضعت لتعديل جيني، وأكثر من 90 - 95 % من الطعام المحتوي على فول الصويا، ومن ضمنه القشور الخارجية لهذا المحصول والمستخدم في غذاء الإنسان، يعاد تصنيعها لإنتاج أعلاف للحيوانات المجترة. وإن زيت بذور القطن وكسبة القطن تضاف كذلك إلى السيلاج وبنسبة تصل أحيانا لحد 50 % وتغذى به المجترات – علماً بأن 40 - 50 % من القطن المزروع في الولايات المتحدة الأمريكية محوَّر وراثياً.

والأغذية المصنوعة من مشتقات الثروة الحيوانية التي تم إطعامها محاصيل معدّلة وراثيا (ذرة، فول الصويا، كسبة القطن) هي: لحم العجل، ومن ضمنه الهامبرغر Hamburger، شرائح اللحم الأحمر Steak إلخ، لحم الخنزير Pork، فخذ الخنزير Ham، النقانق (السجق) Hot Dogs، لحم الحمل Lamb، الدجاج وبيض الدجاج، الديك الرومي، وغيره من الطيور، سمك التروته Trout (السلمون المرقَّط) والمغذى صنعياً، سمك سليمان (السلمون)، وغيرها من الأسماك والمنتجات البحرية الأخرى التي خضعت لتحوير وراثي – مثل أذْن البحر Abalone (وهو عبارة عن حيوان بحري من فصيلة الرخويات، يستخدم في الأكل)، سلمون أطلنطي Atlantic Salmon، سمك الصِّلَّوْر Catfish، برغوث البحر أو القُرَيْدِسْ Prawns وسمك التروته Trout.

6. الفواكه والعصير

الفاكهة المعدَّلة وراثياً في الوقت الحالي هي الباباي Papaya. إلا أنه توجد فواكه أخرى قيد الانتهاء من تعديلها، وستظهر خلال السنوات القليلة القادمة، كالموز والعنب والفراولة وغيرها.

أما فيما يخص عصير الفاكهة، فقد يحتوي على أجزاء محوَّرة وراثياً من مُرَكَّز الذُّرة أو من سكر العنب المستخرج من الذرة (الدّكستْروزْ) Dextrose. أما الفاكهة المجففة فهي غالباً ما تكون مرشوشة بزيت مستخلص من فول الصويا، الذي من المحتمل أن يكون معدَّلاً وراثياً. ومن هذه الفاكهة : الزبيب بأنواعه currants, sultanas, raisins التمر (البلح)، وغيرها.

وهناك فاكهة معدَّلة وراثياً، ولكنها لاتزال في مرحلة التوسع في الإنتاج منها: التفاح، العنب، الفراولة، الأناناس، الموز، الشمام، وغيرها. بالإضافة إلى زيت الكانولا Canola (وهو نبات يُستخرَج من بذوره زيت يسمى باسمه) والقطن والفول السوداني وغيرها من الزيوت.

7. البذور والمكسرات المختلفة

إن 60 % من زيت الكانولا المنتشر في أمريكا الشمالية معدَّل وراثياً، وهو من الزيوت الواسعة الاستخدام في المطاعم والمعاهد الغذائية. وزيت الكانولا من الزيوت المعروفة بانخفاض درجة تشبُّعها Polyunsaturated وبقوامه الخفيف وطعمه المعتدل. كما أن زيت بذور القطن المستخدم في صناعة الشيبس يدخل في صناعة زبد الفول السوداني وأنواع الكعك المحلَّى وقطع الحلوى الهشَّة أو البسكويتCrackers  وغيرها من الأغذية المصنعة. وزبد الفول السوداني (الفستق) المحوَّر وراثياً دخل حديثاً إلى الأسواق، كما يُستخرَج منه زيت الفستق Peanut oil الذي يدخل في تحضير دهن الفستق.

ومن الأغذية والسلع التي تحتوي على زيوت معدَّلة وراثياً: الشيبس، الكعك المحلَّى، البسكويت الهشّ (الكراكرز)، المارجارين أو الزيت النباتي، الأطعمة المقلية، الصلصات ومرق التوابل، الشوربات، السلع المخبوزة، زبد الفول السوداني، الصابون، المواد المنظفة والمطهِّرات Detergents، ومنتجات القطن المعدل وراثياً (الجينز، قمصان تي T-shirts ..إلخ.) والكتان، وغيرها من الأنسجة والأقمشة.

ومن الزيوت والبذور والمكسرات التي تجري عملية تعديلها وراثياً: الكستناء، بذور عباد الشمس، الجوز وغيرها...

8. الفيتامينات والإضافات المكمِّلة الأخرى

إن كثير من الفيتامينات الإضافية والمكمِّلة للأغذية، وخصوصاً فيتامينC ، مصنوعة من سكر فركتوز الذرة corn fructose الذي يوجد احتمال كبير بأن يكون معدلاً وراثياً.

9. الإنزيمات (الخمائر)

الإنزيمات، كما نعلم، عبارة عن بروتينات تُعجِّل سير التفاعلات البيولوجية في الجسم. وهي تُستخدَم بشكل واسع في الصناعة الغذائية – في تحضير البيرة والخبز والسلع المخبوزة الأخرى والسكر والأطعمة التي يدخل فيها الحليب وغير ذلك... ولكون الإنزيمات لا تُعتبَر أغذية بحد ذاتها، فهي لا تحتاج إلى ملصقات أو علامات تدل على أنها أغذية معدَّلة وراثياً. ومن الجدير بالذكر بأنه يتم حالياً إنتاج إنزيمات معدَّلة وراثياً وتدخل بشكل فعلي في استخدامات متنوعة.

ومن الإنزيمات أو الخمائر المعدلة وراثياً: أمفا أميلاز Ampha Amylase الذي يدخل في صناعة السكر الأبيض ومركَّز الذرة والعسل والخبز والطحين والنشاء والنبيذ (6)؛ الأسبارتيك Aspartic وChymosis  في صناعة الجبن؛ نوفاميل Novamyl الذي يدخل في صناعة الخبز والسلع الغذائية المخبوزة؛ بولولاناز Pullulanase، وهو مركَّز ذرة غني بسكر الفاكهة، والكتاليزCatalase  الذي يدخل في صناعة المشروبات الخفيفة، ألبومين اللبن، مصل اللبن السائل، إنزيم اللاكتاز Lactase (6).

ومن الأغذية المصنوعة من الإنزيمات المحوَّرة: الخبز والسلع الغذائية المخبوزة والبيرة والنبيذ ومشتقات الحليب وعصير الفواكه والزيوت والسكر.

وتشير مراجع أخرى إلى أسماء بعض المنتجات التي من المحتمل أن تكون مهندَسة وراثياً أو أنها تحوي أجزاء مهندَسة وراثياً، ومنها:

BT corn, Coca Cola, Fleishmanns Margarine, Fritos, Green Giant Harvest Burgers, Karo Corn Syrup, Kraft Salad Dressings, McDonalds French Fries, Nestle Crunch, Nutrasweet, Quaker Oats Corn meal, Roundup Ready Soybeans, Similac Infant Formula (6).

* كيف يمكن قياس الجينات في الأغذية المعدَّلة وكيف نستطيع التمييز ما بين الأغذية المعدَّلة وراثياً والأغذية الطبيعية الأخرى؟

في ظل غياب الإشارة إلى نوع الأغذية وهل هي محوَّرة (معدَّلة) وراثياً أم لا، لا يوجد هناك سبيل لمعرفة ما إذا كانت تحتوي على أجزاء معدَّلة وراثياً دون إجراء الفحوص والتحاليل المخبرية اللازمة عليها وفي مختبرات الهندسة الوراثية. والطريقة المتوفرة في الوقت الحاضر للكشف عن الجين المغروس في الكائن المستقبِل له – هو التفاعل السلسلي للبوليميريز (Polymerase Chain Reaction) PCRs. وهذه الطريقة حساسة جداً وتحتاج من الشخص القائم عليها المعرفة العلمية والعملية التامة في الموضوع. وتعتمد النتيجة على معرفة الباحث جيداً أي جين هو الذي يبحث عنه وعلى دقة استخلاص الـ DNA. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على عملية قياس المحتوى الجيني المعدَّل في المواد الغذائية المصنعة بتقنيات متقدِّمة. وتستخدم عمليات قياس الجينات المعدَّلة حالياً في كل من سويسرا وبعض الدول الأوروبية الأخرى والولايات المتحدة الأمريكية (15).

وبشكل عام تميل الأغذية، وخصوصاً فيما يتعلق بالثمار المحوَّرة جينياًGA  إلى أن تكون متناسقة في الشكل وكبيرة في الحجم وبراقة المنظر خالية من التشوهات والعيوب المختلفة بالمقارنة مع الأغذية العادية الأخرى. وتفيد التقارير أنه في بعض الحالات تدوم الأغذية المحوَّرة الفاسدة عدة أشهر دون أن يظهر عليها العطب أو الفساد.

وكقاعدة عامة فإن الأغذية أو الثمار الصغيرة غير منتظمة الحجم أو الشكل والأقل لمعاناً وإشراقاً التي تنضج بسرعة وتفسد بسرعة هي في الواقع متوازنة من حيث محتواها من العناصر الغذائية ومن الطاقة، وهي الأكثر سلامة وأماناً لتناولها من قبل المستهلك، حتى ولو لم تكن جميلة المنظر وبراقة.

* * * *

لقد تم إجراء استفتاء عام في العالم حول الأغذية المعدَّلة وراثياً لمعرفة آراء الناس في هذا الموضوع. فكانت كما يلي (9):

في الولايات المتحدة الأمريكية: 81 % من المستهلكين يعتقدون بأن الأغذية يجب أن يكون مشاراً إليها إذا كانت معدَّلة (محوَّرة) وراثياً. 58 % يقولون بأنه إذا تمت الإشارة إلى الأغذية المعدلة وراثيا فإنهم سيتفادونها Time magazine , Jan,1999.

في كندا: 83-94 % من الكنديين يريدون أن تكون الأغذية المحوَّرة وراثياً مشاراً إليها بذلك (OPTIMA, 1994).

في أوستراليا: 89 % ممن شملهم الاستفتاء (1378 شخصاً) يفضلون أن تكون البندورة المعدَّلة وراثياً مشاراً إليها بذلك. و 65 % يعتقدون بأن الإشارة إلى البندورة بأنها معدَّلة وراثيا فكرة جيدة أو جيدة جداً، و 65 % يعتقدون بأن عدم الإشارة إلى ذلك هي فكرة سيئة أو سيئة جداً (Australian Dept. of Industry, Jul., 1995).

في نيوزيلندة: 43 % من الناس قلقون بشدة و17 % قلقون إلى حد بعيد من تناول الأغذية المعدَّلة جينياً و21 % ليسوا قلقين إطلاقا من تناولهم لهذه الأغذية (AGB MaNair, Apr, 1997).

وفي أوروبا على النحو التالي:

إنجلترا: 87 % يرغبون بأن تكون الأغذية المعدلة وراثيا مشاراً إليها بذلك(London Evening Standard, 10 Feb., 1999).

 ويقول الذين تم استجوابهم حول هذا الموضوع في الدول الواردة أدناه بأن الأغذية المعدَّلة وراثياً يجب أن تكون مبيَّنة ومشاراً إليها بوضوح تام بأنها معدَّلة. وهي، حسب النسب المبينة إزاء كل دولة، كما يلي: بلجيكا 74 %، الدنمارك 85 %، ألمانيا 72 %، اليونان 81 %، إسبانيا 69 %، فرنسا 78 %، إيرلندا 61 %، إيطاليا 67 %، لوكسمبورغ 67 %، هولندا 79 %، النمسا 73 %، البرتغال 62 %، فنلندة 82 %، السويد 81 %، بريطانيا 82 % (Eurobarometer, 1997).

ويقول 78 % من السويديين و77 % من الفرنسيين و65 % من الإيطاليين والألمان و63% من الدانمركيين و53 % من البريطانيين بأنهم لن يتناولوا الأغذية المحوَّرة وراثياً MORI, 9 Jan., 1997).

وإن 68 % من الأوروبيين يعتقدون بأن الأغذية المعدَّلة وراثياً يجب أن تحرَّم و95 % يريدونها مشاراً إليها إذا كانت معدَّلة (Gallup, Dec., 1996).

* * * *

* إذا فما السرّ وراء ما يريده القائمون على الهندسة الوراثية وتعديل جينات الكائنات الحية؟!

يسير القائمون على تحوير العالم كلياً ليحقِّقوا الأهداف التالية (7):

-       تركيز القوة والمال في أيدي أناس محدودين في هذا العالم.

-       القيام بنشاط تجاري واسع يخدم فئات محدودة من المنتجين.

-       صنع مركبة تُقاد نحو منفعة وكسب غير شرعي على حساب العلم والحاجة والضرورة.

-       تلبية رغبات الأغنياء وعدم الاهتمام بتلبية احتياجات البشرية بشكل عام.

-       السير بخطى تهدد التجانس الجيني العالي والسقوط في هاوية الضغوط والإجهاد الحيوي وغير الحيوي.

-       تحطيم التنوع الجيني للمصادر المختلفة وتعطيل طبيعة الأشياء، التي تمنح البيئة الديمومة والثبات.

-       تهديد البيئة وما عليها من كائنات حية وجمادات، بدلاً من تقدير أهميتها والعمل على تنظيم وتحسين مستقبلها ومراقبة الأخطار المحدقة بها وغير ذلك من الأمور الهامة.

-       استخدام التقنية الحيوية الحديثة لمواصلة تغطية وإخفاء المشاكل التي خلقتها لنا التقنيات السابقة (مثل استخدام المبيدات الكيميائية والتلوث.. إلخ)، التي قامت بصنعها وتعزيز انتشارها نفس الشركات التي تقوم بقيادة وتوجيه الثورة الحيوية bio-revolution  في أيامنا هذه.

* * * *

تصورات علم الوراثة ما بين الماضي والحاضر

يلخّص العالم مي وان هو Mae-Wan Ho وآخرون التصورين القديم والحديث لعلم الوراثة كما يلي:

فبالنسبة للتصور القديم لعلم الوراثة، وهو التصور التقليدي القياسي يقول:

·        تقوم الجينات بتحديد الصفات على شكل سلسلة طولية، وكل جين يُبرِز صفة أو خاصية واحدة، وهو المسؤول عنها.

لا تخضع الجينات للتأثيرات البيئية.
الجينات مستقرة وثابتة ولا تتغير.
تبقى الجينات في الكائن الحي ثابتة وتستقر في المكان الذي توضع فيه.

أما التصور الجديد لعلم الوراثة فيرى أنه:

·        لا يمكن أن يوجد جين يعمل بعزلة (بشكل منفرد)، والأكثر من ذلك، فهو يعمل ضمن شبكة معقدة من الجينات.

تعتمد وظيفة كل جين على عمل جميع الجينات الأخرى في المادة الوراثية الكلِّية (الجينوم) Genome. والجين المشابه له تأثيرات مختلفة من شخص (فرد) لآخر، وذلك بسبب كون الجينات الأخرى متباينة. يوجد تنوع وراثي هائل ضمن التعداد البشري، بحيث إن كل شخص أو فرد له صفة أو خاصية وراثية فريدة من نوعها؛ وإذا ما تم نقل الجين إلى نوع آخر (أي ما بين الكائنات الحية المختلفة)، غالباً ما تكون لهذه العملية تأثيرات غير متوقعة وجديدة في الكائن الحي.
 إن الشبكة الوراثية بالمقابل معرَّضة لتنظيم طبقي فسيولوجي من الكائن الأصلي الذي تم أخذ الجين منه، وهذا التنظيم له علاقة مع الظروف المحيطة.
إن هذه الطبقات المنظمة (الأصلية) لا تغير وظيفة الجينات فحسب، بل وتستطيع إعادة ترتيبها أيضاً. والعديد من هذه النسخ تكون ناتجة عن طفرة وراثية أو تجعلها تتحرك حول نفسها.
إن الجينات أيضا تستطيع التنقل خارج جسم الكائن الحي الأصلي حتى تؤثر على آخر. وتسمى هذه العملية - عملية نقل الجين أفقياً horizontal gene transfer أو الطريقة الأفقية لنقل الجينات.

Mae-Wan Ho, Hartmut Meyer and Joe Cummins, “The Biotechnology Bubble”, Ecologist 28 (3), May/June 1998, p. 148.

المراجع:

1. Alex Jack, “Consumer’s Guide to Genetically Altered Food”, Cybermacro Articles, 1999: http://www.cybermacro.com/articles15.html

2. Ron Epstein (Research Prof. Inst. For world Religions, Berkeley, CA, Lecturer, Philosophy Dep., San Francisco State Univ.), “Redesigning the World: Ethical Questions about Genetic Engineering”, Genetic Engineering and Its Dangers, Oct. 12, 1998: http://online.sfsu.edu/~rone/GE%20Essays/Redesigning.htm

3. Jason Boehk, “The Dangers of "Stealth" Food”, a.k.a. Genetically Engineered Food, CQS, ToxicAlert: http://www.cqs.com/gmodanger.htm

4. Richard Wolfson (Ph.D., Health Advisor to the Natural Law Party of Canada), “The New Poison Plants Alive”, Canadian Journal of Health and Nutrition, Jul. 1997, Health Page, GE Food Dangers Page: http://www.holisticmed.com/ge/poison.html

5. “Health Hazards of Genetically-Manipulated Foods”. Soy Info Online:

http://www.soyinfo.com/haz/gehaz.shtml

6. “Partial List of GE Companies and Products”, 1998. Health Page, GE Foods Dangers Page: http://www.holisticmed.com/ge/foodlist.html

7. Miguel Altieri (Ph.D., Univ. of California, Berkeley), “Biotechnology Myths”, Health Page, GE Foods Dangers Page: http://www.holisticmed.com/ge/myths.html

8. Joe Cummins (Prof. Emeritus of Genetics , Univ. of Western Ontario), “The Danger of Virus-Resistant Crops: http://userwww.sfsu.edu/~rone/GE%20Ess…r%20of%20Virus%20Resistant%20Crops.htm

9. Compilation and Analysis of Public Opinion Polls on Genetically Engineered (GE) Foods, THE CENTER FOR FOOD SAFETY, GEArticles: http://www.centerforfoodsafety.org/facts&issues/GEArticle.html

10. BIOINFO: “An Agricultural Biotechnology Monitor”, V. IV, N4, March 1996.

11. Joseph Cummins (Geneticist Prof.), “Gene Tinkering Blues 1: 3”, Aug. 1996.

12. Arthur Fisher, “A Long Haul for Chinese Science”, Popular Science, Chinese Science and Technology, Aug. 1996, p. 42.

13. Jonathan Slack (Prof.), “Headless frog opens way for human organ factory”, Genetic Engineering News, June 15, 1998.

14. Genetically-modified Q & A, “The power of genes”, BBC News, Apr. 1999: http://news.bbc.co.uk/hi/english/speci…he_microscope/newsid_280000/280868.stm

15. Michael Byrnes, “Genetically Modified Food Testing – Can We Trust It?”

16. Jeremy Rifkin.

17. Richard Preston.

18. Glausisuz., J. (1996), “The genes of 1995”, 1995: The year in Science 17, pp. 36-38.

19. Eric Hogarth, Aspects Of Gene Therapy (Pros & Cons), 1996: http://www.ndsu.nodak.edu/instruct/mcclean/plsc431/students/eric.htm


[1] New York Times, Washington Post, Wall Street Journal.

[2] Consumer’s Report, Sept 1999, pp. 41-46, New York Times, Sept 1999.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود